في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۖ إِنَّكَ عَلَى ٱلۡحَقِّ ٱلۡمُبِينِ} (79)

59

( فتوكل على الله إنك على الحق المبين ) . .

وقد جعل الله انتصار الحق سنة كونية كخلق السماوات والأرض ، واختلاف الليل والنهار . سنة لا تتخلف . . قد تبطئ . تبطئ لحكمة يعلمها الله ، وتتحقق بها غايات يقدرها الله . ولكن السنة ماضية . وعد الله لا يخلف الله وعده . ولا يتم الإيمان إلا باعتقاد صدقه وانتظار تحققه . ولو عد الله أجل لا يستقدم عنه ولا يستأخر .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۖ إِنَّكَ عَلَى ٱلۡحَقِّ ٱلۡمُبِينِ} (79)

{ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ } أي : في أمورك ، وبَلّغ رسالة ربك ، { إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ } أي : أنت على الحق المبين وإن خالفك مَنْ خالفك ، مِمَّنْ كتبت{[22151]} عليه الشقاوة وحَقَّت عليهم كلمة ربك أنهم لا يؤمنون ، ولو جاءتهم كل آية ؛ ولهذا قال : { إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى }


[22151]:- في ف ، أ : "كتب".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۖ إِنَّكَ عَلَى ٱلۡحَقِّ ٱلۡمُبِينِ} (79)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَتَوَكّلْ عَلَى اللّهِ إِنّكَ عَلَى الْحَقّ الْمُبِينِ * إِنّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَىَ وَلاَ تُسْمِعُ الصّمّ الدّعَآءَ إِذَا وَلّوْاْ مُدْبِرِينَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ففوّض إلى الله يا محمد أمورك ، وثق به فيها ، فإنه كافيك إنّكَ عَلى الحَقّ المُبِين لمن تأمّله ، وفكر ما فيه بعقل ، وتدبره بفهم ، أنه الحقّ ، دون ما عليه اليهود والنصارى المختلفون من بني إسرائيل ، ودون ما عليه أهل الأوثان المكذّبوك فيما أتيتهم به من الحقّ ، يقول : فلا يحزنك تكذيب من كذّبك ، وخلاف من خالفك ، وامض لأمر ربك الذي بعثك به .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۖ إِنَّكَ عَلَى ٱلۡحَقِّ ٱلۡمُبِينِ} (79)

{ فتوكل على الله } ولا تبال بمعاداتهم . { إنك على الحق المبين } وصاحب الحق حقيق بالوثوق بحفظ الله ونصره .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۖ إِنَّكَ عَلَى ٱلۡحَقِّ ٱلۡمُبِينِ} (79)

فرعت الفاء على الإخبار بأن رب الرسول عليه الصلاة والسلام يقضي بين المختلفين في شأن القرآن أمراً للرسول بأن يطمئن بالاً ويتوكل على ربه فيما يقضي به فإنه يقضي له بحقه ، وعلى معانده بما يستحقه ، فالأمر بالتوكل مستعمل في كنايته وصريحه فإن من لازمه أنه أدى رسالة ربه ، وأن إعراض المعرضين عن أمر الله ليس تقصيراً من الرسول صلى الله عليه وسلم وهو معنى تكرر في القرآن كقوله { لعلك باخع نفسك } [ الكهف : 6 ] وقوله { ولا تحزن عليهم } [ النمل : 70 ] .

والتوكل : تفعل من وكل إليه الأمر ، إذا أسند إليه تدبيره ومباشرته ، فالتفعل للمبالغة . وقد تقدم عند قوله تعالى { فإذا عزمت فتوكل على الله } في آل عمران ( 159 ) ، وقوله { وعلى الله فتوكّلوا } في المائدة ( 23 ) وقوله { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } في سورة إبراهيم ( 11 ) .

وقد وقعت جملة { إنك على الحق المبين } موقعاً لم يخاطب الله تعالى أحداً من رسله بمثله فكان ذلك شهادة لرسوله بالعظمة الكاملة المنزهة عن كل نقص ، لما دل عليه حرف { على } من التمكن ، وما دل عليه اسم { الحق } من معنى جامع لحقائق الأشياء . وما دل عليه وصف { مبين } من الوضوح والنهوض .

وجاءت جملة { إنك على الحق المبين } مجيء التعليل للأمر بالتوكل على الله إشعاراً بأنه على الحق فلا يترقب من توكله على الحكم العدل إلا أن يكون حكمه في تأييده ونفعه . وشأن ( إن ) إذا جاءت في مقام التعليل أن تكون بمعنى الفاء فلا تفيد تأكيداً ولكنها للاهتمام .

وجيء في فعل التوكل بعنوان اسم الجلالة لأن ذلك الاسم يتضمن معاني الكمال كلها ، ومن أعلاها العدل في القضاء ونصر المحق . وذلك بعد أن عجلت مسرة الإيماء إلى أن القضاء في جانب الرسول عليه الصلاة والسلام بإسناده القضاء إلى عنوان الرب مضافاً إلى ضمير الرسول كما تقدم آنفاً .

وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي اقتضاه وجود مقتضي جلب حرف التوكيد لإفادة التعليل فلا يفيد التقديم تخصيصاً ولا تقوياً .

و { المبين } : الواضح الذي لا ينبغي الامتراء فيه ولا المصانعة للمحكوم له .

وفي الآية إشارة إلى أن الذي يعلم أن الحق في جانبه حقيق بأن يثق بأن الله مظهر حقه ولو بعد حين .