نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۖ إِنَّكَ عَلَى ٱلۡحَقِّ ٱلۡمُبِينِ} (79)

فلما ثبت له العلم والحكمة ، والعظمة والقدرة ، تسبب عن ذلك قوله : { فتوكل على الله } أي الذي له جميع العظمة بما ثبت علمه وقدرته التي أثبت بها أنك أعظم عباده الذين اصطفى في استهزاء الأعداء وغيره من مصادمتهم ومسالمتهم لتدع الأمور كلها إليه ، وتستريح من تحمل المشاق ، وثوقاً بنصره ، وما أحسن قول قيس بن الخطيم وهو جاهلي :

متى ما تقد بالباطل الحق يأبه *** وأن تقد الأطوار بالحق تنقد

ثم علل ذلك حثاً على التحري في الأعمال ، وفطماً لأهل الإبطال ، عن تمني المحال ، فقال : { إنك على الحق المبين* } أي البين في نفسه الموضح لغيره ، فحقك لا يبطل ووضوحه لا يخفى ، ونكوصهم ليس عن خلل في دعائك لهم ، وإنما الخلل في مداركهم ، فثق بالله في تدبير أمرك فيهم ؛