وهكذا قوله تعالى : ( يغشى الناس ) . . أي يتغشاهم ويعميهم . ولو كان أمراً خيالياً يخص أهل مكة المشركين لما قيل فيه : ( يغشى الناس ) . . وقوله تعالى : ( هذا عذاب أليم ) . . أي يقال لهم ذلك ، تقريعاً وتوبيخاً . كقوله تعالى : ( يوم يدعون إلى نار جهنم دعا . هذه النار التي كنتم بها تكذبون ) . أو يقول بعضهم لبعض ذلك .
قوله تعالى : " يغشى الناس " في موضع الصفة للدخان ، فإن كان قد مضى على ما قال ابن مسعود فهو خاص بالمشركين من أهل مكة ، وإن كان من أشراط الساعة فهو عام على ما تقدم . " هذا عذاب أليم " أي يقول الله لهم : " هذا عذاب أليم " . فمن قال : إن الدخان قد مضى فقوله : " هذا عذاب أليم " حكاية حال ماضية ، ومن جعله مستقبلا . فهو حكاية حال آتية . وقيل : " هذا " بمعنى ذلك . وقيل : أي يقول الناس لذلك الدخان : " هذا عذاب أليم " . وقيل : هو إخبار عن دنو الأمر ، كما تقول : هذا الشتاء فأعد له .
{ يغشى الناس } أي المهددين بهذا ، وهم الذين رضوا بحضيض النوس والاضطراب عن أوج الثبات في رتبة الصواب{[57345]} ، روى مسلم في صحيحه{[57346]} عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بادروا بالأعمال ستاً : الدجال والدخان ودابة الأرض{[57347]} وطلوع الشمس من مغربها وأمر العامة وخويصة أحدكم " .
ولما كان من المعلوم أنهم يقولون عند إتيانه جرياً على عادة جهلهم : ما هذا ؟ أجيبوا بقوله تعالى حكاية {[57348]}عن لسان{[57349]} الحال ، أو قول بعضهم أو بعض أولياء الله : { هذا عذاب أليم * } يخلص وجعه إلى القلب فيبلغ في ألمه بما كنتم تؤلمون دعاتكم إلى الله برد مقولهم والاستخفاف{[57350]} باغتراركم{[57351]} بكثرة العدد [ والقوة-{[57352]} ] والمدد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.