في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَمَّا مَن طَغَىٰ} (37)

عندئذ تختلف المصائر والعواقب ؛ وتتجلى غاية التدبير والتقدير في النشأة الأولى :

( فأما من طغى ، وآثر الحياة الدنيا ، فإن الجحيم هي المأوى ) . .

والطغيان هنا أشمل من معناه القريب . فهو وصف لكل من يتجاوز الحق والهدى . ومداه أوسع من الطغاة ذوي السلطان والجبروت ، حيث يشمل كل متجاوز للهدى ،

   
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَأَمَّا مَن طَغَىٰ} (37)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: فأما من عتا على ربّه، وعصاه واستكبر عن عبادته.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

أي عصى، وتمرد، وطغى بأنعم الله تعالى، فاستعملها في معاصيه، أو جاوز حدود الله...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

الطغيان: العصيان بمجاوزة الحد فيه إلى الإفراط فيه، فكل كافر طاغ بإفراطه في ظلم نفسه، وظلم النفس كظلم غيرها في التعاظم...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{فَأَمَّا} جواب {فَإِذَا} أي: فإذا جاءت الطامة فإنّ الأمر كذلك والمعنى: فإنّ الجحيم مأواه...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

في جواب قوله: {فإذا جاءت الطامة الكبرى} وجهان؛

(الأول): قال الواحدي: إنه محذوف على تقدير إذا جاءت الطامة دخل أهل النار النار، وأهل الجنة الجنة، ودل على هذا المحذوف، ما ذكر في بيان مأوى الفريقين.

(والثاني): أن جوابه قوله: {فإن الجحيم هي المأوى} وكأنه جزاء مركب على شرطين نظيره إذا جاء الغد، فمن جاءني سائلا أعطيته، كذا ههنا أي إذا جاءت الطامة الكبرى فمن جاء طاغيا فإن الجحيم مأواه...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والفاء في قوله: {فأما من طغى} رابطة لجواب (إذا) لأن جملة {من طغى} إلى آخرها جملة اسمية ليس فيها فعل يتعلق به (إذا) فلم يَكن بين (إذا) وبين جوابها ارتباط لفظي فلذلك تُجلب الفاء لربط الجواب في ظاهر اللفظ، وأما في المعنى فيعلم أن (إذا) ظرف يتعلق بمعنى الاستقرار الذي بين المبتدأ والخبر. و (أمَّا) حرف تفصيل وشرط لأنها في معنى: مَهما يكن شيء. والطغيان تقدم معناه آنفاً. والمراد هنا: طغى على أمر الله، كما دل عليه قوله: {وأما من خاف مقام ربه}. وقُدّم ذكر الطغيان على إيثار الحياة الدنيا لأن الطغيان من أكبر أسباب إيثار الحياة الدنيا فلما كان مسبباً عنه ذكر عقبه مراعاة للترتب الطبيعي...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

(فأمّا مَن طغى وآثر الحياة الدنيا فإنّ الجحيم هي المأوى). والآية الأولى تشير إلى فساد عقائد الطغاة، لأنّ الطغيان ينشأ من الغرور، والغرور من نتائج عدم معرفة الباري جّل شأنه. وبمعرفة عظمة وجلال اللّه يتصاغر الإنسان ويتصاغر حتى يكاد لا يرى لنفسه أثراً، وعندها سوف لن تزل قدمه عن جادة العبودية الحقة، ما دام سلوكه يصب في رافد معرفة اللّه. والآية الثانية تشير إلى فسادهم العملي، لأنّ الطغيان يوقع الإنسان في شراك اللذائذ الوقتية الفانية ذروة الطموح ومنتهى الأمل، فينساق واهماً لأنّ يجعلها فوق كلّ شيء! والأمران في واقعهما كالعلة والمعلول، فالطغيان وفساد العقيدة مفتاح فساد العمل وحبّ الدنيا المفرط، ولا يجران إلاّ إلى سوء عقبى الدار، نار جهنّم خالدين فيها أبداً...

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَأَمَّا مَن طَغَىٰ} (37)

قوله تعالى : " فأما من طغى . وآثر الحياة الدنيا " أي تجاوز الحد في العصيان . قيل : نزلت في النضر وابنه الحارث ، وهي عامة في كل كافر أثر الحياة الدنيا على الآخرة .

وروى عن يحيى بن أبي كثير قال : من اتخذ من طعام واحد ثلاثة ألوان فقد طغى . وروى جويبر عن الضحاك قال : قال حذيفة : أخوف ما أخاف على هذه الأمة أن يؤثروا ما يرون على ما يعلمون{[15791]} . ويروى أنه وجد في الكتب : إن الله جل ثناؤه قال " لا يؤثر عبد لي دنياه على آخرته ، إلا بثثت عليه همومه وضيعته{[15792]} ، ثم لا أبالي في أيها هلك " .


[15791]:في ظ: ما يعملون.
[15792]:كذا في أ، ح، ز، ل. وفي بعض الأصول: وصنيعته.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَأَمَّا مَن طَغَىٰ} (37)

ولما كان جواب " إذا " كما مضى محذوفاً ، وكان تقديره أن قسم الناس قسمين : قسم للجحيم وقسم للنعيم ، قال تعالى مسبباً عنه مفصلاً : { فأما من طغى * } أي تجاوز الحد في العدوان فلم يخش مقام ربه ، قال في القاموس : طغى : جاوز القدر وارتفع و-{[71536]} طغى : غلا في الكفر وأسرف في المعاصي والظلم ، والماء : ارتفع .


[71536]:زيد من ظ و م.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَأَمَّا مَن طَغَىٰ} (37)

قوله : { فأما من طغى } أي من تجاوز الحد في العصيان فضل ضلالا كبيرا وأوغل في الذنوب والمعاصي .