يبدأ المشهد بمنظرين متقابلين تمام التقابل في المجموع وفي الأجزاء ، وفي السمات والهيئات : منظر( المتقين )لهم ( حسن مآب ) . ومنظر( الطاغين )لهم ( شر مآب ) . فأما الأولون فلهم جنات عدن مفتحة لهم الأبواب . ولهم فيها راحة الاتكاء ، ومتعة الطعام والشراب . ولهم كذلك متعة الحوريات الشواب . وهن مع شبابهن ( قاصرات الطرف )لا يتطلعن ولا يمددن بأبصارهن . وكلهن شواب أتراب .
قوله تعالى : ( وعندهم قاصرات الطرف ) أي : على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم وقد مضى في " الصافات " . ( أتراب ) أي : على سن واحد . وميلاد امرأة واحدة ، وقد تساوين في الحسن والشباب ، بنات ثلاث وثلاثين سنة . قال ابن عباس : يريد الآدميات . و " أتراب " جمع ترب وهو نعت لقاصرات ؛ لأن " قاصرات " نكرة وإن كان مضافا إلى المعرفة . والدليل على ذلك أن الألف واللام يدخلانه كما قال :
من القاصرات الطَّرْفِ لو دَبَّ محولٌ *** من الذَّرِّ فوق الإِتْبِ منها لأَثَّرَا
لما كان الأكل والشرب داعيين إلى النساء لا سيما مع الراحة قال : { وعندهم } أي لهم من غير مفارقة أصلاً . ولما كان سياق الامتنان مفهماً كثرة الممتن به لا سيما إذا كان من العظيم ، أتى بجمع القلة مريداً به الكثرة لأنه أشهر وأوضح وأرشق من " قواصر " المشترك بين جمع قاصر وقوصرة - بالتشديد والتخفيف - لوعاء التمر فقال : { قاصرات } ولما كن على خلق واحد في العفة وكمال الجمال وحد فقال : { الطرف } أي طرفهن لعفتهن وطرف أزواجهن لحسنهن ، ولما لم تنقص صيغة جمع القلة المعنى ، لكونه في سياق المدح والامتنان ، وكان يستعار للكثرة ، أتى على نمط الفواصل بقوله : { أتراب * } أي على سن واحد مع أزواجهن وهو الشباب ، سمي القرين ترباً لمس التراب جلده وجلد قرينه في وقت واحد ، قال البغوي : بنات ثلاث وثلاثين سنة ، لأن ذلك ادعى للتآلف فإن التحاب بين الأقران أشد وأثبت .
قوله : { وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ } يعني أكرم الله المؤمنين المتقين في الجنة بزوجات قاصرات الطرف ؛ أي قصرت أطرافهن وقلوبهن على أزواجهن فلا يردن غيرهم . وهن كذلك { أَتْرَابٌ } أي على سن واحد ، أو مستويات الأسنان ؛ فقد تساوين في الحُسن والشباب . و { أَتْرَابٌ } جمع ترب ؛ وهو نعت لقاصرات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.