في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوۡتُ قَوۡمِي لَيۡلٗا وَنَهَارٗا} (5)

وراح نوح - عليه السلام - يواصل جهوده النبيلة الخالصة الكريمة لهداية قومه ، بلا مصلحة له ، ولا منفعة ؛ ويحتمل في سبيل هذه الغاية النبيلة ما يحتمل من إعراض واستكبار واستهزاء . . ألف سنة إلا خمسين عاما . . وعدد المستجيبين له لا يكاد يزيد ؛ ودرجة الإعراض والإصرار على الضلال ترتفع وتزداد ! ثم عاد في نهاية المطاف يقدم حسابه لربه الذي كلفه هذا الواجب النبيل وذلك الجهد الثقيل ! عاد يصف ما صنع وما لاقى . . وربه يعلم . وهو يعرف أن ربه يعلم . ولكنها شكوى القلب المتعب في نهاية المطاف ، إلى الجهة الوحيدة التي يشكو إليها الأنبياء والرسل والمؤمنون حقيقة الإيمان . . إلى الله . .

قال : رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا ، فلم يزدهم دعائي إلا فرارا ؛ وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم ، واستغشوا ثيابهم ، وأصروا ، واستكبروا استكبارا . ثم إني دعوتهم جهارا ، ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا . فقلت : استغفروا ربكم إنه كان غفارا ، يرسل السماء عليكم مدرارا ، ويمددكم بأموال وبنين ، ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا . مالكم لا ترجون لله وقارا ? وقد خلقكم أطوارا ? ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا ? وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ? والله أنبتكم من الأرض نباتا ، ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا . والله جعل لكم الأرض بساطا ، لتسلكوا منها سبلا فجاجا . .

هذا ما صنع نوح وهذا ما قال ؛ عاد يعرضه على ربه وهو يقدم حسابه الأخير في نهاية الأمد الطويل . وهو يصور الجهد الدائب الذي لا ينقطع : ( إني دعوت قومي ليلا ونهارا ) . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوۡتُ قَوۡمِي لَيۡلٗا وَنَهَارٗا} (5)

جهاد نوح في تبليغ الدعوة

{ قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا 5 فلم يزدهم دعاءي إلا فرارا 6 وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصرّوا واستكبروا استكبارا 7 ثم إني دعوتهم جهارا 8 ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا 9 فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفّارا 10 يرسل السماء عليكم مدرارا 11 ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنّات ويجعل لكم أنهارا 12 مالكم لا ترجون لله وقارا 13 وقد خلقكم أطوارا 14 أولم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا 15 وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا 16 والله أنبتكم من الأرض نباتا 17 ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا 18 والله جعل لكم الأرض بساطا 19 لتسلكوا منها سبلا فجاجا 20 }

المفردات :

فرارا : تباعدا ونفارا من الإيمان .

5

التفسير :

5-6- قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا* فلم يزدهم دعاءي إلا فرارا .

شكا نوح إلى ربه قائلا : لقد دعوت قومي إلى الإيمان دعاء مستمرّا ، لم أقصّر عنه ، ولم أنقطع عن تقديمه بالليل أو بالنهار ، فمن الناس من ينقطع لعمله بالنهار ، ومنهم من يعمل بالليل ، فكان نوح ينتهز الفرصة المناسبة لمن يدعوهم ، لكنّهم قابلوا دعوته بالكنود والجحود ، والرفض والفرار منه ، بل كان الرجل يوصي أولاده بعدم الإيمان بنوح عليه السلام .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوۡتُ قَوۡمِي لَيۡلٗا وَنَهَارٗا} (5)

{ قَالَ } أي نوح عليه السلام مناجياً ربه عز وجل وحاكياً له سبحانه بقصد الشكوى وهو سبحانه أعلم بحاله ما جرى بينه وبين قومه من القيل والقال في تلك المدد الأطوال بعد ما بذل في الدعوة غاية المجهود وجاز في الإنذار كل حد معهود وضاقت عليه الحيل وعيت به العلل { رَبّ إِنّى دَعَوْتُ قَوْمِى } إلى الإيمان والطاعة { لَيْلاً وَنَهَاراً } أي دائماً من غير فتور ولا توان .