تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوۡتُ قَوۡمِي لَيۡلٗا وَنَهَارٗا} (5)

الآية5 : وقوله تعالى : { قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا } يحتمل أن يكون هذا من نوح عليه السلام بعد أن أخبر : { وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون }[ هود : 36 ] .

فيكون القول منه قول معذر : إنه لم يقصر في دعوة قومه إلى الإسلام ، وإنه قد دعاهم إلى الإسلام في كل وقت وحال ، وإنه قد أبدى عذره في ذلك ، وإنما جاء التفريط والتعدي من جهة قومه .

ويحتمل أن يكون هذا منه على الإشفاق والرحمة والتعرض لاستنزال اللين والرحمة ، لعل الله تعالى بلطفه يلين قلوبهم ، فينقادوا للحق ، ويرغبوا في الإجابة ليتخلصوا من العذاب ، ويستوجبوا{[22162]} المغفرة من ربهم . فهو يخرج على أحد هذين الوجهين : إن كان قبل الإخبار ، فهو على التعرض منه لاستنزال اللين والرحمة ، وإن كان بعده فهو على إبداء العذر لا على الدعاء والرجاء بأن يلين قلوبهم بلطفه ، فينقادوا للحق ؛ إذ لا يجوز أن يخبر الله تعالى أنهم لا يؤمنون ، وهو يطمع أن يؤمنوا . ثم قوله : { رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا } أي دعوت في كل وقت وكل ساعة من الليل والنهار[ ما ]{[22163]} أمكنني فيه الدعاء .


[22162]:في م: ويستوجب.
[22163]:ساقطة من الأصل و م.