في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ} (15)

ثم يهدأ الإيقاع شيئا ما ، في الجولة القادمة ، ليناسب جو القصص ، وهو يعرض ما كان بين موسى وفرعون ، وما انتهى إليه هذا الطاغية عندما طغى :

هل أتاك حديث موسى . إذ ناداه ربه بالوادي المقدس طوى . اذهب إلى فرعون إنه طغى . فقل : هل لك إلى أن تزكى ? وأهديك إلى ربك فتخشى ? فأراه الآية الكبرى . فكذب وعصى ، ثم أدبر يسعى . فحشر فنادى . فقال : أنا ربكم الأعلى . فأخذه الله نكال الآخرة والأولى . . إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ) . .

وقصة موسى هي أكثر القصص ورودا وأكثرها تفصيلا في القرآن . . وقد وردت من قبل في سور كثيرة . وردت منها حلقات منوعة . ووردت في أساليب شتى . كل منها تناسب سياق السورة التي وردت فيها ؛ وتشارك في أداء الغرض البارز في السياق . على طريقة القرآن في إيراد القصص وسرده .

وهنا ترد هذه القصة مختصرة سريعة المشاهد منذ أن نودي موسى بالوادي المقدس ، إلى أخذ فرعون . . أخذه في الدنيا ثم في الآخرة . . فنلتقي بموضوع السورة الأصيل . وهو حقيقة الآخرة . وهذا المدى الطويل من القصة يرد هنا في آيات معدودات قصار سريعة ، ليناسب طبيعة السورة وإيقاعها .

وتتضمن هذه الآيات القصار السريعة عدة حلقات ومشاهد من القصة . .

وهي تبدأ بتوجيه الخطاب إلى الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] : ( هل أتاك حديث موسى ? ) . . وهو استفهام للتمهيد وإعداد النفس والأذن لتلقي القصة وتمليها . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ} (15)

التهديد بما أصاب فرعون

{ هل أتاك حديث موسى 15 إذ ناداه ربه بالواد المقدّس طوى 16 اذهب إلى فرعون إنه طغى 17 فقل هل لك إلى أن تزكّى 18 وأهديك إلى ربك فتخشى 19 فأراه الآية الكبرى 20 فكذّب وعصى 21 ثم أدبر يسعى 22 فحشر فناداى 23 فقال أنا ربكم الأعلى 24 فأخذه الله نكال الآخرة والأولى 25 إن في ذلك لعبرة لمن يخشى 26 }

التفسير :

15- هل أتاك حديث موسى .

استفهام يقصد به التشويق إلى معرفة قصة تهوّن عليه ما يلاقيه من قومه المكذبين ، وكأنه قيل : هل أتاك خبر موسى ؟ إن لم يكن قد جاءك فأنا أخبرك به .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ} (15)

{ هل أتاك } توقيف وتنبيه وليس المراد به مجرد الاستفهام .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ} (15)

ولما كانت قصة موسى عليه الصلاة والسلام مع القبط أشبه شيء بالقيامة لما حصل فيها من التقلبات والتغيرات وإيجاد المعدومات من الجراد والقمل والضفادع على تلك الهيئات الخارجة عن العادات في أسرع وقت . وقهر{[71385]} الجبابرة والمن على الضعفاء حتى كان آخر ذلك أن حشر بني إسرائيل {[71386]}فنشطهم من{[71387]} القبط نشطاً{[71388]} رقيقاً كلهم وجميع ما لهم مع دوابهم إلى ربهم-{[71389]} وحشر جميع القبط وراءهم فنزعهم نزعاً كلهم بحشر فرعون لهم {[71390]}بأصوات المنادين عنه{[71391]} في أسرع وقت وأيسر أمر إلى هلاكهم كما يحشر{[71392]} الأموات بعد إحيائهم بالصيحة إلى الساهرة ، ثم كانت العاقبة في الطائفتين بما للمدبرات أمراً أن نجا بنو إسرائيل بالبحر كما ينجو يوم البعث المؤمنون{[71393]} بالصراط ، وهلك فرعون وآله به كما يتساقط الكافرون{[71394]} بالصراط ، وذلك أنه رأى فرعون وجنوده البحر قد انفلق لبني إسرائيل فلم يعتبروا بذلك ثم دخلوا فيه وراءهم ، ولم يجوزوا أن الذي حسره عن مكانه قادر على أن يعيده كما {[71395]}ابتدأه فيغرقهم{[71396]} واستمروا في عماهم حتى رده{[71397]} الله فأغرقهم به كما أن من يكذب بالقيامة رأى بدء الله له و-{[71398]} لغيره وإفناءه بعد إبدائه ثم إنه لم يجوز أن يعيده كما بدأه أول مرة ، وصل بذلك قوله تعالى جواباً لمن يقول : هل لذلك من دليل ؟ مخاطباً لأشرف الخلق إشارة إلى أنه لا يعتبر هذا حق اعتباره إلا أنت ، مستفهماً عن الإتيان للتنبيه والحث على جمع النفس على التأمل والتدبر والاعتبار مقرراً ومسلياً له صلى الله عليه وسلم ومهدداً للمكذبين أن يكون حالهم - وهم أضعف أهل الأرض لأنه لا ملك لهم - كحال فرعون في هذا ، وقد كان أقوى أهل الأرض بما كان له من الملك وكثرة الجنود وقوتهم وسحرهم ومرودهم في خداعهم ومكرهم ورأى من الآيات ما لم يره أحد قبله ، فلما أصر على التكذيب ولم يرجع ولا أفاده التأديب أغرقه الله وآله فلم يبق منهم أحداً وقد كانوا لا يحصون عدداً بحيث إنه قيل : إن طليعته كانت على عدد بني إسرائيل ستمائة ألف : { هل أتاك } أي يا أعلم الخلق { حديث موسى * } أي ما كان من أمره الذي جددناه له حين أردناه{[71399]} فيكون كافياً لك في التسلية ولقومك في الحث على التصديق والتنبيه على الاعتبار والتهديد على التكذيب{[71400]} والإصرار


[71385]:من ظ و م، وفي الأصل: قتل.
[71386]:من ظ و م، وفي الأصل: فنشرهم بين.
[71387]:من ظ و م، وفي الأصل: فنشرهم بين.
[71388]:من ظ و م، وفي الأصل: نشرا.
[71389]:زيد من ظ و م.
[71390]:من ظ و م، وفي الأصل: بأصوان المنازل.
[71391]:من ظ و م، وفي الأصل: بأصوان المنازل.
[71392]:من ظ و م، وفي الأصل: يحشرهم.
[71393]:من ظ و م، وفي الأصل: المؤمنين يوم البعث.
[71394]:من ظ و م، وفي الأصل: المؤمنين يوم البعث.
[71395]:زيد في الأصل: إلى النار، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[71396]:من ظ و م، وفي الأصل: ابتدا فيفرهم.
[71397]:من ظ و م، وفي الأصل: ابتدا فيفرهم.
[71398]:زيد من ظ و م.من ظ و م، وفي الأصل: ردهم.
[71399]:في م: أردنا.
[71400]:زيد في الأصل: والافتراء و، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.