هنا تتفرد القدرة الإلهية ، والعلم الإلهي . ويخلص الأمر كله لله بلا شائبة ولا شبهة ولا جدال ولا محال :
( ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ) !
وهنا يجلل الموقف جلال الله ، ورهبة حضوره - سبحانه وتعالى - وهو حاضر في كل وقت . ولكن التعبير يوقظ الشعور بهذه الحقيقة التي يغفل عنها البشر . فإذا مجلس الموت تجلله رهبة الحضور وجلاله . فوق ما فيه من عجز ورهبة وانقطاع ووداع .
85- { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ } .
الله أقرب إلينا في كل لحظة ، أقرب إلينا بعلمه وملائكته ، قال تعالى : ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ، ونحن أقرب إليه من حبل الوريد . ( ق : 16 ) .
لكن في هذه الحالة حين يحضر الأقارب والأحباب حول الميت ، ويشاهدون حشرجة الروح وخروجها إلى بارئها ، والملائكة أقرب إلى الميت من المشاهدين له ، حيث تقبض روحه بأمر الله تعالى .
وقد نسب الله تعالى قبض الروح إليه سبحانه في قوله تعالى : { الله يتوفى الأنفس حين موتها . . . } ( الزمر : 42 ) .
كما نسب قبض الروح إلى ملك الموت في قوله تعالى : { قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكّل بكم ثم إلى ربكم تُرجعون } . ( السجدة : 11 ) .
كما نسب قبض الروح إلى الملائكة فقال سبحانه : حتى إذا جاء أحدكم الموت توفّته رُسلنا وهم لا يفرّطون . ( الأنعام : 61 ) .
قال العلماء : الحياة والموت والكون كله بيد الله ، فنسب الله الموت إليه ، وملك الموت هو الذي يباشر نزع الروح من الجسد فنسبت الوفاة إليه ، ولملك الموت أعوان من الملائكة فنسبت الوفاة إليهم ، ولا تعارض بين الآيات ، فالمرجع كله إليه سبحان وتعالى .
{ ونحن } أي والحال أنا نحن بما لنا من العظمة { أقرب إليه } أي المحتضر حقيقة بعلمنا وقدرتنا التامة وملائكتنا { منكم } على شدة قربكم منه { ولكن لا تبصرون * } أي مع تحديقكم إليه لا يتأثر عن ذلك التحديق غايته ، وهو الإبصار لقربنا منه ، ولا ملائكتنا الموكلين بقبض روحه ، لتعلموا أن الفعل لنا لا لغيرنا ، فلا يتجدد لكم شيء من هذا الوصف لتدركوا به حقيقة ما هو فيه ، فثبت ما أخبرنا به من الاختصاص بباطن العلم والقدرة اللذين عبرنا عنهما بالقرب الذي هو أقوى أسبابهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.