في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِن لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ لِي فَٱعۡتَزِلُونِ} (21)

17

فإن استعصوا على الإيمان فهو يفاصلهم ويعتزلهم ويطلب إليهم أن يفاصلوه ويعتزلوه . وذلك منتهى النصفة والعدل والمسالمة .

ولكن الطغيان قلما يقبل النصفة ، فهو يخشى الحق أن يظل طليقاً ، يحاول أن يصل إلى الناس في سلام وهدوء . ومن ثم يحارب الحق بالبطش . ولا يسالمه أبداً . فمعنى المسالمة أن يزحف الحق ويستولي في كل يوم على النفوس والقلوب . ومن ثم يبطش الباطل ويرجم ولا يعتزل الحق ولا يدعه يسلم أو يستريح !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِن لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ لِي فَٱعۡتَزِلُونِ} (21)

17

المفردات :

فاعتزلون : فخلّوني واتركوني .

التفسير :

21- { وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون } .

إذا لم تدخلوا في ديني ولم تؤمنوا برسالتي ، وظللتم على الكفر ، فإني أدعوكم إلى المسالمة والمهادنة ، وليمض كل منا في طريقه إلى أن يقضي الله بيننا ، وفي هذا المعنى قوله تعالى : { لكم دينكم ولي دين } . ( الكافرون : 6 ) .

أي : نختلف في العبادة والاتجاه والدين ، ولكن توجد بيننا مسالمة وحياد مع عدم الإيذاء ، وهي أرقى خطة يدعو العالم المتحضر إليها ، ويزعم أنها من ابتكاره ، خطة حماية الأقليات ، واحترام حقوق الإنسان ، وعدم العدوان على الضعفاء والمسالمين والمدنيين ، وهي خطة رسالات السماء التي دعا إليها الإسلام فقال القرآن : { لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي . . . } ( البقرة : 256 ) .

وقد نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار كانت عنده جاريتان ، فقال : يا رسول الله ، عرضت عليهما الإسلام فأبتا ، أفلا أكرههما على الإسلام ؛ فأنزل الله تعالى : { لا إكراه في الدين . . . } فامتنع الأنصاري عن إكراههما على الإسلام .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَإِن لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ لِي فَٱعۡتَزِلُونِ} (21)

وإن لم تصدّقوني فيما جئتكم به من عند الله { فاعتزلون } وخلُّوا سبيلي

ولا ترجموني ، ودعوا الأمرَ بيني وبينكم مسالمةً إلى أن يقضيَ الله بيننا .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِن لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ لِي فَٱعۡتَزِلُونِ} (21)

قوله تعالى : { وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون } فاتركوني لا معي ولا علي . وقال ابن عباس : فاعتزلوا أذاي باليد واللسان ، فلم يؤمنوا .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِن لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ لِي فَٱعۡتَزِلُونِ} (21)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون}: وإن لم تصدقوني...

{فاعتزلون} فدعا موسى ربه في يونس فقال: {ونجنا برحمتك من القوم الكافرين} [يونس:86]، يعني نجني وبني إسرائيل، وأرسل العذاب على أهل مصر.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نبيه موسى عليه السلام لفرعون وقومه: وإن أنتم أيها القوم لم تصدّقوني على ما جئتكم به من عند ربي.

"فاعتزلون": فخلوا سبيلي غير مرجوم باللسان ولا باليد...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

فإن لم تصدّقوني في ما أدعوكم إليه وآمركم به فاتركوني، فأصدّق وأؤمن به، ولا يضرّكم تصديقي وإيماني.

وقال بعضهم: أي دعوني خفّاقا جانبا لا عليّ ولا لي.

وقال بعضهم: {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} ولا تقبلوني...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{فاعتزلون} يريد: إن لم يؤمن لي فلا موالاة بيني وبين من لا يؤمنوا، فتنحوا عني واقطعوا أسباب الوصلة عني، أي: فخلوني كفافاً لا لي ولا عليّ، ولا تتعرضوا لي بشركم وأذاكم؛ فليس جزاء من دعاكم إلى ما فيه فلاحكم ذلك.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فاعتزلون} أي وإن لم تعتزلوني هلكتم، ولا تقدرون على قتلي بوجه وأنا واحد ممن تسومونهم سوء العذاب، وما قتلتم أبناءهم إلا من أجلي، فرباني على كف من ضاقت عليه الأرض بسببي وسفك الدماء في شأني، ومنعه الله من أن يصل إليّ منه سوء قبل أن أعوذ به، فكيف به بعد أن أرسلني وعذت به فأعاذني، واستجرت به فأجارني.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

إن استعصوا على الإيمان فهو يفاصلهم ويعتزلهم ويطلب إليهم أن يفاصلوه ويعتزلوه وذلك منتهى النصفة والعدل والمسالمة، ولكن الطغيان قلما يقبل النصفة، فهو يخشى الحق أن يظل طليقاً، يحاول أن يصل إلى الناس في سلام وهدوء. ومن ثم يحارب الحق بالبطش. ولا يسالمه أبداً. فمعنى المسالمة أن يزحف الحق ويستولي في كل يوم على النفوس والقلوب. ومن ثم يبطش الباطل ويرجم ولا يعتزل الحق ولا يدعه يسلم أو يستريح!...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

جيء في شرط {إن لم تؤمنوا لي} بحرف {إنْ} التي شأنها أن تستعمل في الشرط غير المتيقّن لأن عدم الإيمان به بعد دلالة المعجزة على صدقه من شأنه أن يكون غير واقع؛ فيفرضَ عدمُه كما يُفرض المحال، ولعله قال ذلك قبل أن يعلمه الله بإخراج بني إسرائيل من مصر، أو أراد: فاعتزلوني زمناً، يعني إلى أن يعيّن له الله زمن الخروج.

وعدّي {تؤمنوا} باللام لأنه يقال: آمَن به وآمن لَه، قال تعالى: {فآمن له لوطٌ} [العنكبوت: 26]، وأصل هذه اللام لام العلة على تضمين فعل الإيمان معنى الركون.

وقد جاء ترتيب فواصل هذا الخطاب على مراعاة ما يبدو من فرعون وقومه عند إلقاء موسى دعوته عليهم؛ إذْ ابتدأ بإبلاغ ما أرسل به إليهم فآنس منهم التعجب والتردد فقال: {إني لكم رسول أمين} فرأى منهم الصلف والأنفة فقال: {وأن لا تعلوا على الله} فلم يرعَوُوا فقال: {إني آتيكم بسلطان مبين}، فلاحت عليهم علامات إضمار السوء له فقال: {وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون}، فكان هذا الترتيب بين الجُمل مغنياً عن ذكر ما أجابوا به على أبدع إيجاز.

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَإِن لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ لِي فَٱعۡتَزِلُونِ} (21)

قوله تعالى : " وإن لم تؤمنوا لي " أي إن لم تصدقوني ولم تؤمنوا بالله لأجل برهاني ، فاللام في " لي " لام أجل . وقيل : أي وإن لم تؤمنوا بي ، كقوله : " فآمن له لوط " {[13717]} [ العنكبوت : 26 ] أي به . " فاعتزلون " أي دعوني كِفَافًا{[13718]} لا لي ولا علي . قاله مقاتل . وقيل : أي كونوا بمعزل مني وأنا به معزل منكم إلى أن يحكم الله بيننا . وقيل : فخلوا سبيلي وكفوا عن أذاي . والمعنى متقارب ، والله أعلم .


[13717]:آية 26 سورة العنكبوت.
[13718]:أي مكفوفا عني شركم.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِن لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ لِي فَٱعۡتَزِلُونِ} (21)

ولما كان التقدير : فإن آمنتم بذلك وسلمتم لي أفلحتم ، عطف عليه قوله : { وإن لم تؤمنوا لي } أي تصدقوا لأجلي ما أخبرتكم به { فاعتزلون * } أي وإن لم تعتزلوني هلكتم ، ولا تقدرون{[57446]} على قتلي بوجه وأنا واحد ممن تسومونهم{[57447]} سوء العذاب ، وما قتلتم أبناءهم إلا من أجلي ، فرباني على كف من ضاقت عليه الأرض بسببي وسفك الدماء في{[57448]} شأني ، ومنعه الله من أن يصل {[57449]}إليّ منه{[57450]} سوء قبل أن أعوذ به ، فكيف به بعد أن أرسلني وعذت به فأعاذني ، واستجرت به فأجارني .


[57446]:من ظ ومد، وفي الأصل: لا تقدروا.
[57447]:من مد، وفي الأصل و ظ تسومونه.
[57448]:من ظ ومد، وفي الأصل: من.
[57449]:من ظ ومد، وفي الأصل: منه إلى.
[57450]:من ظ ومد، وفي الأصل: منه إلى.