في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (24)

ذلك كان القطاع الأول في السورة . أما القطاع الثاني فيشمل تلك الإشارات إلى قصص إبراهيم ، ولوط ، وموسى ، وعاد قوم هود ، وثمود قوم صالح ، وقوم نوح . . وهو مرتبط بما قبله ، ومرتبط كذلك بما بعده في سياق السورة .

( هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين ? إذ دخلوا عليه ، فقالوا : سلاما . قال : سلام قوم منكرون . فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين . فقربه إليهم قال : ألا تأكلون ؛ فأوجس منهم خيفة . قالوا : لا تخف ، وبشروه بغلام عليم . فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها ، وقالت : عجوز عقيم . قالوا : كذلك قال ربك ، إنه هو الحكيم العليم . قال : فما خطبكم أيها المرسلون ? قالوا : إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين ، لنرسل عليهم حجارة من طين . مسومة عند ربك للمسرفين . فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين . فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين . وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم ) . .

إنها آية أو آيات في تاريخ الرسالات . كتلك الآيات التي أشار إليها في الأرض وفي الأنفس . وإنه وعد أو وعود تتحقق من تلك الوعود التي أشار إلى تحققها في القطاع السابق .

ويبدأ الحديث عن إبراهيم بالسؤال : ( هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين ? ) . . تنويها بهذا الحديث ، وتهيئة للأذهان . مع وصف ضيف إبراهيم بالمكرمين ؛ إما لأنهم كذلك عند الله ؛ وإما إشارة إلى إكرام إبراهيم لهم كما ورد في القصة .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (24)

24

المفردات :

الضيف : النازل على محلة قوم ليس منهم ، ويقال للواحد والجمع ، ويجمع على ضيوف وضيفان وأضياف ، واختلف في عدهم فقيل : ثلاثة ، وقيل : تسعة ، وقيل : اثنا عشر .

المكرمين : أي : عند إبراهيم إذ خدمهم هو وزوجه ، وعجل لهم القرى ، وأجلسهم في أكرم موضع .

التفسير :

24- { هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين } .

هل بلغك يا محمد نبأ ضيوف إبراهيم المكرمين عند الله ، والمكرمين عند إبراهيم ، حيث أحسن استقبالهم ، وعجل ضيافتهم بعجل حنيذ مكتنز لحما وشحما فتيا ، وهو أشهى في الأكل وأفضل .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (24)

ثم تطرّقَ إلى قصة إبراهيم مع ضيوفه ، تسليةً لرسوله الكريم . وقد تكرر ذكر إبراهيم كثيراً لأن النبيَّ على دينه ، ولأنّ قريش كانت تقول إنّهم على دِين إبراهيم .

هل علمَت يا محمد قصةَ الملائكة ، ضيوفِ إبراهيم ؟

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (24)

شرح الكلمات :

{ هل أتاك حديث } : أي قد أتاك يا نبيّنا حديث أي كلام .

{ ضيف إبراهيم المكرمين } : أي جبريل وميكائيل وإسرافيل أكرمهم إبراهيم الخليل .

المعنى :

قوله تعالى { هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين } هذا الحديث يشتمل على موجز قصة قد ذكرت في سورة هود والحجر والمقصود منه تقرير نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إن مثل هذا القصص لا يتم لأُميِّ لا يقرأ ولا يكتب إلا من طريق الوحي كما أنه يحمل في نهايته التهديد بالوعيد لمشركي قريش المصرين على الكفر والتكذيب والإِجرام الكبير إذ في نهاية القصة يسأل إبراهيم الملائكة قائلا فما خطبكم أيها المرسلون فيجيبون قائلين إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين لنرسل عليهم حجارة من طين أي لتدميرهم وإهلاكه من أجل إجرامهم ، وقريش في هذا الوقت مجرمة مستحقة للعذاب كما استحقه إخوان لوط . فقوله تعالى في خطاب رسوله هل أتاك حديث ضيف إبراهيم الخليل وهم ملائكة في صورة رجال من بينهم جبريل وميكائيل وإسرافيل .

الهداية :

من الهداية :

- تقرير النبوة المحمدية .

- فضيلة إبراهيم أبي الأنبياء وإما الموحدين .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (24)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{هل أتاك} يعني قد أتاك يا محمد {حديث ضيف إبراهيم المكرمين} يعني جبريل وميكائيل، وملك آخر أكرمهم إبراهيم وأحسن القيام...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، يخبره أنه محلّ بمن تمادى في غيه، وأصرّ على كفره، فلم يتب منه من كفار قومه، ما أحلّ بمن قبلهم من الأمم الخالية، ومذكرا قومه من قريش بإخباره إياهم أخبارهم وقصصهم، وما فعل بهم، هل أتاك يا محمد حديث ضيف إبراهيم خليل الرحمن المكرمين.

يعني بقوله:"المُكْرَمِينَ "أن إبراهيم عليه السلام وسارّة خدماهم بأنفسهما...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{هل أتاك} يخرّج على وجهين:

أحدهما: أي قد أتاك حديث ضيف إبراهيم، فحاجّ به أولئك وخاصِم.

والثاني: لم يأتك بعد، ولكن سيأتيك حديث ضيف إبراهيم. فإذا أتاك به فحاجّ أولئك الكفرة به، والله أعلم.

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

... سمّاهم مكرمين، لأنّ أضياف الكرام مكرمون، وكان إبراهيم عليه السلام أكرم الخليقة وأطهرهم فتوة.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{هَلْ أتاك} تفخيم للحديث وتنبيه على أنه ليس من علم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما عرفه بالوحي. والضيف للواحد والجماعة...

لأنه في الأصل مصدر ضافه، وجعلهم ضيفاً؛ لأنهم كانوا في صورة الضيف: حيث أضافهم إبراهيم...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{هل أتاك} تقرير لتجتمع نفس المخاطب، وهذا كما تبدأ المرء إذا أردت أن تحدثه بعجيب فتقرره هل سمع منك أم لا؟ فكأنه تقتضي منه أن يقول لا، ويستطعمك الحديث...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين} إشارة إلى تسلية قلب النبي صلى الله عليه وسلم ببيان أن غيره من الأنبياء عليهم السلام كان مثله، واختار إبراهيم لكونه شيخ المرسلين كون النبي عليه الصلاة والسلام على سنته في بعض الأشياء، وإنذار لقومه بما جرى من الضيف، ومن إنزال الحجارة على المذنبين المضلين، وفيه مسائل:...

المسألة الثانية: كيف سماهم ضيفا ولم يكونوا؟ نقول لما حسبهم إبراهيم عليه السلام ضيفا لم يكذبه الله تعالى في حسابه إكراما له، يقال في كلمات المحققين الصادق يكون ما يقول، والصديق يقول ما يكون.

المسألة الثالثة:... فإن قيل: بماذا أكرمهم؟ قلنا ببشاشة الوجه أولا، وبالإجلاس في أحسن المواضع وألطفها ثانيا، وتعجيل القرى ثالثا، وبعد التكليف للضيف بالأكل والجلوس.

المسألة الرابعة: هم أرسلوا للعذاب بدليل قولهم: {إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين} وهم لم يكونوا من قوم إبراهيم عليه السلام، وإنما كانوا من قوم لوط فما الحكمة في مجيئهم إلى إبراهيم عليه السلام؟ نقول فيه حكمة بالغة، وبيانها من وجهين:... وثانيهما هو أن الله تعالى لما قدر أن يهلك قوما كثيرا وجما غفيرا، وكان ذلك مما يحزن إبراهيم عليه السلام شفقة منه على عباده قال لهم بشروه بغلام يخرج من صلبه أضعاف ما يهلك، ويكون من صلبه خروج الأنبياء عليهم السلام.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

وقد ذهب الإمام أحمد وطائفة من العلماء إلى وجوب الضيافة للنزيل، وقد وردت السنة بذلك كما هو ظاهر التنزيل.

تيسير التفسير لاطفيش 1332 هـ :

هل علمت قصة ابراهيم ولوط عليهما السلام، يكرمك الله كما أكرمهما، ويهلك مكذبك كما أهلك مكذبيهما، والله أكرمهم بالعبادة والعصمة، وبإضافة خير الخلق يومئذ إبراهيم، وبتعجيل الضيافة، ثم إن كانت هذه الآية أول آية نزلت في ضيف إبراهيم، فالاستفهام للإعلام... وإلا فللتقرير.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

انتقال من الإنذار والموعظة والاستدلال إلى الاعتبار بأحوال الأمم الماضية المماثلة للمخاطبين المشركين في الكفر وتكذيب الرسل. والجملة مستأنفة استئنافاً ابتدائياً وغيّر أسلوب الكلام من خطاب المنذرين مواجهة إلى أسلوب التعريض تفنناً بذكر قصة إبراهيم لتكون توطئة للمقصود من ذكر ما حلّ بقوم لوط حين كذبوا رسولهم، فالمقصود هو ما بعد قوله {قال فما خطبكم أيها المرسلون}... وكان في الابتداء بذكر قوم لوط في هذه الآية على خلاف الترتيب الذي جرى عليه اصطلاح القرآن في بالمكْرَمين كلام موجه لأنه يوهم أن ذلك لإكرام إبراهيم إياهم كما جرت عادته مع الضيف وهو الذي سنّ القِرى، والمقصودُ: أن الله أكرمهم برفع الدرجة لأن الملائكة مقربون عند ما وصفهم لله تعالى كما قال: {بل عباد مكرمون} [الأنبياء: 26] وقال: {كِراماً كاتبين} [الانفطار: 11]...

في قصة حضور الملائكة عند إبراهيم وزوجه عبرة بإمكان البعث فقد تضمنت بشارتها بمولود يولد لها بعد اليأس من الولادة وذلك مثل البعث بالحياة بعد الممات...

ولمّا وجه الخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم بقوله: {هل أتاك} عُرف أن المقصود الأصلي تسليته على ما لقيه من تكذيب قومه. ويتبع ذلك تعريض بالسامعين حين يُقرأ عليهم القرآن أو يبلغهم بأنهم صائرون إلى مثِل ذلك العذاب لاتحاد الأسباب...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

وأوّل جانب يثيره هذا المقطع هو قصّة الملائكة الذين جاءوا لعذاب قوم لوط، ومرّوا على إبراهيم (عليه السلام) على صورة بشر، ليبشّروه بالولد، مع أنّ إبراهيم بلغ سنّاً كبيراً فهو في مرحلة المشيب وامرأته كانت عقيماً كذلك! فمن جهة.. يعدّ إعطاء هذا الولد لإبراهيم وزوجه وهما في مرحلة الكبر واليأس من الإنجاب تأكيداً على كون الأرزاق مقدّرة كما أشير إلى ذلك في الآيات المتقدّمة. ومن جهة أخرى يُعدّ دليلا آخر على قدرة الحقّ وآية من آيات معرفة الله التي ورد البحث عنها في الآيات آنفاً. ومن جهة ثالثة يُعدّ بُشرى للأمم المؤمنة بأنّها في رعاية الحقّ كما أنّ الآيات التالية تتحدّث عن عذاب قوم لوط وهي في الوقت ذاته تهديد للمجرمين...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (24)

{ هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين } بأن خدمهم بنفسه

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (24)

قوله تعالى : " هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين " ذكر قصة إبراهيم عليه السلام ليبين بها أنه أهلك المكذب بآياته كما فعل بقوم لوط . " هل أتاك " أي ألم يأتك . وقيل : " هل " بمعنى قد ، كقوله تعالى : " هل أتى على الإنسان حين من الدهر{[14225]} " [ الإنسان : 1 ] . وقد مضى الكلام في ضيف إبراهيم في " هود{[14226]} " " والحجر{[14227]} " . " المكرمين " أي عند الله ؛ دليله قوله تعالى : " بل عباد مكرمون{[14228]} " [ الأنبياء : 26 ] قال ابن عباس : يريد جبريل وميكائيل وإسرافيل - زاد عثمان بن حصين - ورفائيل عليهم الصلاة والسلام . وقال محمد بن كعب : كان جبريل ومعه تسعة . وقال عطاء وجماعة : كانوا ثلاثة جبريل وميكائيل ومعهما ملك آخر . قال ابن عباس : سماهم مكرمين لأنهم غير مذعورين . وقال مجاهد : سماهم مكرمين لخدمة إبراهيم إياهم بنفسه . قال عبدالوهاب : قال لي علي بن عياض : عندي هريسة ما رأيك فيها ؟ قلت : ما أحسن رأيي فيها ، قال : امض بنا ، فدخلت الدار فنادى الغلام فإذا هو غائب ، فما راعني إلا به ومعه القُمْقُمة والطست وعلى عاتقه المنديل ، فقلت : إنا لله وإن إليه راجعون ، لو علمت يا أبا الحسن أن الأمر هكذا ، قال : هون عليك فإنك عندنا مكرم ، والمكرم إنما يخدم بالنفس ، انظر إلى قوله تعالى : " هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين " .


[14225]:راجع جـ 19 ص 116.
[14226]:راجع جـ 9 ص 62.
[14227]:راجع جـ 10 ص 35.
[14228]:راجع جـ 11 ص 281.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (24)

{ هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين } المراد بالاستفهام في مثل هذا التفخيم والتهويل ، وضيف إبراهيم الملائكة الذين جاؤوا ليبشروه بالولد وبإهلاك قوم لوط ، ووصفهم بالمكرمين لأنهم مكرمون عند الله ، ولأن إبراهيم عليه السلام أكرمهم لأنه خدمهم بنفسه وعجل لهم الضيافة والعامل في إذ دخلوا على هذا : المكرمين ، ويحتمل أن يكون العامل فيه محذوف تقديره اذكر .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (24)

ولما بين بما مضى من القسم وما أتبعه من أنه أودع في السماوات والأرض وما بينهما أسباباً صالحة للإتيان بما وعدناه من الخير ، وما توعدنا به من الشر وإن كنا لم نرها وهو قادر مختار ، فصار ذلك كالمشاهد ، ولا وجه للتكذيب بوعد ولا وعيد ، دل عليه وصوره بما شوهد من أحوال الأمم وبدأ - لأن السياق للمحسنين - برأس المحسنين من أهل هذه الأنباء الذي أخبرته الملائكة عليهم السلام بما سببه معه وإن كان على غير العادة . فتعجبت{[61360]} زوجته من ذلك مع كونها أعلى نساء ذلك الزمان ، وأتبع قصته قصة لوط ابن أخيه عليهما السلام لاتصال ما بين قصتيهما في الزمان ، ولمناسبة عذابهم لما أقسم به في أول السورة ، فإنه سبحانه أمر الذاريات فاقتلعتهم بقراهم وحملتها{[61361]} كما تحمل السحاب ثم كبتهم فرجمتهم ، والأرض فخسفت بهم ، والملائكة الموكلة بمثل ذلك ، ففعلوا جميع ما أمروا به ورأوهم في قريتهم وقصدوهم{[61362]} بالمكر لأنهم خفي عليهم أمرهم ، وأتوا الخليل عليه السلام وهو أعلى ذلك الزمان وهم في ذلك ولم يعلم أول الأمر بشيء من حالهم ولا ظنهم إلا آدميين ، فقال مفخماً لأمر القصة بتخصيص الخطاب لأعلى الخلق وأنفذهم فهما إشارة إلى أنه لا يفهم هذا حق فهمه سواه {[61363]}على طريق الاستفهام على عادة العرب في الإعلام بالأمور الماضية{[61364]} وإن كان المخبر عالماً بأن المخاطب لا علم له بذلك لأن المقصود ليس إلا التنبيه على أن ذلك الأمر مما ينبغي الاهتمام به والبحث فيه ليعرف ما فيه ، من الأمور الجليلة ؛ قال أبو حيان{[61365]} : تقرير لتجتمع نفس المخاطب كما يبدأ المرء إذا أردت أن تحدثه بعجيب فتقرره : هل سمعت ذلك أم لا ؟ فكأنك تقتضي بأن يقول : لا ، ويستطعمك الحديث -{[61366]} انتهى . { هل أتاك } يا أكمل الخلق { حديث ضيف } عبر عنهم بلفظ الواحد إشارة إلى اتحاد كلمتهم { إبراهيم * } وهو خليلنا ، ودل على أنه لم يعرف شيئاً مما أتوا به دالاًّ على أنهم جمع { المكرمين * } أي الذين هم أهل الكرامة ، وأكرمهم إبراهيم عليه السلام بقوله وفعله ، ففي حديثه ذلك آية بينة على ما بين في هذه السورة من قدرة الله تعالى وصدق وعده ووعيده ، مع ما فيه من التسلية لك ولمن تبعك ، والبشارة بإكرام المصدق وإهانة المكذب ، قال القشيري : وقيل : كان عددهم اثني عشر ملكاً ، وقيل : جبريل عليه السلام ، وكان معه تسعة ، وقيل : كانوا-{[61367]} ثلاثة{[61368]} :


[61360]:من مد، وفي الأصل: فتعجب.
[61361]:من مد، وفي الأصل: حملتهم.
[61362]:من مد، وفي الأصل: صدوهم.
[61363]:سقط ما بين الرقمين من مد.
[61364]:سقط ما بين الرقمين من مد.
[61365]:في البحر المحيط 8/138.
[61366]:زيد من البحر.
[61367]:زيد من مد.
[61368]:راجع المعالم-سورة هود.