في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ بِسَاطٗا} (19)

وأخيرا وجه نوح قلوب قومه إلى نعمة الله عليهم في تيسير الحياة لهم على هذه الأرض وتذليلها لسيرهم ومعاشهم وانتقالهم وطرائق حياتهم : ( والله جعل لكم الأرض بساطا ، لتسلكوا منها سبلا فجاجا ) . .

وهذه الحقيقة القريبة من مشاهدتهم وإدراكهم تواجههم مواجهة كاملة ، ولا يملكون الفرار منها كما كانوا يفرون من صوت نوح وإنذاره . فهذه الأرض بالقياس إليهم مبسوطة ممهدة - حتى جبالها قد جعل لهم عبرها دروبا وفجاجا ، كما جعل في سهولها من باب أولى . وفي سبلها ودروبها يمشون ويركبون وينتقلون ؛ ويبتغون من فضل الله ، ويتعايشون في يسر وتبادل للمنافع والأرزاق .

وهم كانوا يدركون هذه الحقيقة المشاهدة لهم بدون حاجة إلى دراسات علمية عويصة ، يدرسون بها النواميس التي تحكم وجودهم على هذه الأرض وتيسر لهم الحياة فيها . وكلما زاد الإنسان علما أدرك من هذه الحقيقة جوانب جديدة وآفاق بعيدة .

هكذا سلك نوح - أو حاول أن يسلك - إلى آذان قومه وقلوبهم وعقولهم بشتى الأساليب ، ومتنوع الوسائل في دأب طويل ، وفي صبر جميل ، وفي جهد نبيل ، ألف سنة إلا خمسين عاما . ثم عاد إلى ربه الذي أرسله إليهم ، يقدم حسابه ، ويبث شكواه ، في هذا البيان المفصل ، وفي هذه اللهجة المؤثرة . ومن هذا البيان الدقيق نطلع على تلك الصورة النبيلة من الصبر والجهد والمشقة ، وهي حلقة واحدة في سلسلة الرسالة السماوية لهذه البشرية الضالة العصية ! فماذا كان بعد كل هذا البيان ?

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ بِسَاطٗا} (19)

5

المفردات :

الأرض بساطا : فراشا مبسوطا للاستقرار عليها .

سبلا فجاجا : طرقا واسعات .

التفسير :

19 ، 20- والله جعل لكم الأرض بساطا* لتسلكوا منها سبلا فجاجا .

من نعم الله أنه جعل الأرض لنا بساطا ممتدّا ، نزرعها ونحصد خيراتها ، وننتفع بثمراتها ، وجعل لنا فيها طرقا واسعة للتنقل فيها ، أو مسالك ومعابر بين الجبال لننتقل من مكان إلى مكان .

أي نوحا لفت أنظارهم إلى بديع صنع الله في خلق السماء والأرض ، والشمس والقمر ، وآفاق الكون ، وآفاق النّفس .

قال تعالى : سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق . . . ( فصلت : 53 ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ بِسَاطٗا} (19)

بساطا : مبسوطة واسعة . فجاجا : واسعة .

واللهُ جعلَ لكم الأرضَ مبسوطةً .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ بِسَاطٗا} (19)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نوح لقومه، مذكّرهم نِعَم ربه:"وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ بِساطا "تستقرّون عليها وتمتهدونها...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

ولو لم يجعلها كذلك لم يتوصلوا إلى حوائجهم ولا الانتفاع بها، ففي ذكر هذا تذكير بالله تعالى بما عليهم من عظيم المنة.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

جعلها بساطاً مبسوطة تتقلبون عليها كما يتقلب الرجل على بساطه.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{بساطاً} يقتضي ظاهره أن الأرض بسيطة كروية، واعتقاد أحد الأمرين غير قادح في نفسه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{والله} أي المستجمع لجميع الجلال والإكرام {جعل لكم} أي نعمة عليكم اهتماماً بأمركم {الأرض بساطاً} أي سهل عليكم التصرف فيها والتقلب عليها سهولة التصرف في البساط.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وأخيرا وجه نوح قلوب قومه إلى نعمة الله عليهم في تيسير الحياة لهم على هذه الأرض وتذليلها لسيرهم ومعاشهم وانتقالهم وطرائق حياتهم: (والله جعل لكم الأرض بساطا، لتسلكوا منها سبلا فجاجا).. وهذه الحقيقة القريبة من مشاهدتهم وإدراكهم تواجههم مواجهة كاملة، ولا يملكون الفرار منها كما كانوا يفرون من صوت نوح وإنذاره. فهذه الأرض بالقياس إليهم مبسوطة ممهدة -حتى جبالها قد جعل لهم عبرها دروبا وفجاجا، كما جعل في سهولها من باب أولى. وفي سبلها ودروبها يمشون ويركبون وينتقلون؛ ويبتغون من فضل الله، ويتعايشون في يسر وتبادل للمنافع والأرزاق. وهم كانوا يدركون هذه الحقيقة المشاهدة لهم بدون حاجة إلى دراسات علمية عويصة، يدرسون بها النواميس التي تحكم وجودهم على هذه الأرض وتيسر لهم الحياة فيها. وكلما زاد الإنسان علما أدرك من هذه الحقيقة جوانب جديدة وآفاق بعيدة. هكذا سلك نوح- أو حاول أن يسلك -إلى آذان قومه وقلوبهم وعقولهم بشتى الأساليب، ومتنوع الوسائل في دأب طويل، وفي صبر جميل، وفي جهد نبيل، ألف سنة إلا خمسين عاما. ثم عاد إلى ربه الذي أرسله إليهم، يقدم حسابه، ويبث شكواه، في هذا البيان المفصل، وفي هذه اللهجة المؤثرة. ومن هذا البيان الدقيق نطلع على تلك الصورة النبيلة من الصبر والجهد والمشقة، وهي حلقة واحدة في سلسلة الرسالة السماوية لهذه البشرية الضالة العصية! فماذا كان بعد كل هذا البيان؟

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والبساط: ما يفرش للنوم عليه والجلوس من ثوب أو زربية، فالإِخبار عن الأرض ببساط تشبيه بليغ، أي كالبساط، ووجه الشبه تناسب سطح الأرض في تعادل أجزائه بحيث لا يوجع أرجل الماشين ولا يُقِضُّ جنوب المضطجعين، وليس المراد أن الله جعل حجم الأرض كالبساط لأن حجم الأرض كُرَوي، وقد نبه على ذلك بالعلةِ الباعثة في قوله: {لكم}، والعلةِ الغائبة في قوله: {لتسلكوا منها سبلاً} وحصل من مجموع العلتين الإِشارة إلى جميع النعم التي تحصل للناس من تسوية سطح الأرض مثل الحرث والزرع، وإلى نعمة خاصة وهي السير في الأرض، وخصت بالذكر لأنها أهم لاشتراك كل الناس في الاستفادة منها.

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ بِسَاطٗا} (19)

قوله تعالى : " والله جعل لكم الأرض بساطا " أي مبسوطة .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ بِسَاطٗا} (19)

ولما كان النابت من الشيء لا يتصرف في ذلك الشيء ، دل على كمال قدرته بخرق تلك العادة لهم على وجه الإنعام عليهم ، فقال مظهراً للاسم الشريف مرة بعد أخرى تعظيماً للأدلة لئلا تقيد{[68754]} القدرة بما يقترن به الاسم دالاًّ بالعالم السفلي بعد الإرشاد بالعلوي وآخر السفلي لأن آياته على ظهورها خفيت بكثرة الإلف لها : { والله } أي المستجمع لجميع الجلال والإكرام { جعل لكم } أي نعمة عليكم اهتماماً بأمركم { الأرض بساطاً * } أي سهل{[68755]} عليكم{[68756]} التصرف فيها والتقلب عليها سهولة التصرف في البساط ،


[68754]:- زيد في الأصل: به، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68755]:- زيد من ظ وم.
[68756]:- من ظ وم، وفي الأصل: عليه.