في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبۡرَةٗ لِّمَن يَخۡشَىٰٓ} (26)

( إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ) . .

فالذي يعرف ربه ويخشاه هو الذي يدرك ما في حادث فرعون من العبرة لسواه . أما الذي لا يعرف قلبه التقوى فبينه وبين العبرة حاجز ، وبينه وبين العظة حجاب . حتى يصطدم بالعاقبة اصطداما . وحتى يأخذه الله نكال الآخرة والأولى . وكل ميسر لنهج ، وكل ميسر لعاقبة . والعبرة لمن يخشى . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبۡرَةٗ لِّمَن يَخۡشَىٰٓ} (26)

وقوله : إنّ فِي ذلكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى يقول تعالى ذكره : إن في العقوبة التي عاقب الله بها فرعون في عاجل الدنيا ، وفي أخذه إياه ، نكالَ الاَخرة والأولى : عظة ومعتبرا لمن يخاف الله . ويخشى عقابه ، وأخرج نكالَ الاَخرة مصدرا من قوله فأَخَذَهُ اللّهُ لأن قوله : فأَخَذَهُ اللّهُ نَكّل به ، فجعل نَكالَ الاَخِرَةِ مصدرا من معناه ، لا من لفظه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبۡرَةٗ لِّمَن يَخۡشَىٰٓ} (26)

وجاء في آخر القصة بحوصلة وفذلكة لما تقدم فقال : { إن في ذلك لعبرة لمن يخشى } فهو في معنى البيان لمضمون جملة { هل أتاك حديث موسى } [ النازعات : 15 ] الآيات .

والإِشارة بقوله : { في ذلك } إلى { حديث موسى } [ النازعات : 15 ] .

والعِبرة : الحالة التي ينتقل الذهن من معرفتها إلى معرفة عاقبتها وعاقبة أمثالها ، وهي مشتقة من العَبْر ، وهو الانتقال من ضفة وادٍ أو نهر إلى ضفته الأخرى .

والمراد بالعبرة هنا الموعظة .

وتنوين ( عبرة ) للتعظيم لأن في هذه القصة مواعظ كثيرة من جهات هي مَثُلات للأعمال وعواقبها ، ومراقبةِ الله وخشيته ، وما يترتب على ذلك وعلى ضده من خير وشر في الدنيا والآخرة .

وجُعل ذلك عبرة لمن يخشى ، أي من تُخالط نفسَه خشيةُ الله لأن الذين يخشون الله هم أهل المعرفة الذين يفهمون دلالة الأشياء على لوازمها وخفاياها ، قال تعالى : { إنما يخشى اللَّه من عباده العلماء } [ فاطر : 28 ] وقال : { وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون } [ العنكبوت : 43 ] . والخشية تقدمت قريباً في قوله : { وأهديك إلى ربك فتخشى } [ النازعات : 19 ] .

وفي هذا تعريض بالمشركين بأنهم ليسوا بأهل للانتفاع بمثل هذا كما لم ينتفع بمثله فرعون وقومه .

وفي القصة كلها تعريض بسادة قريش من أهل الكفر مثل أبي جهل بتنظيرهم بفرعون وتنظير الدهماء بالقوم الذين حشرهم فرعون ونادى فيهم بالكفر ، وقد عَلِم المسلمون مضرب هذا المثل فكان أبو جهل يوصف عند المسلمين بفرعون هذه الأمة .

وتأكيد الخبر ب { إنَّ } ولام الابتداء لتنزيل السامعين الذين سيقت لهم القصة منزلة من ينكر ما فيها من المواعظ لعدم جريهم على الاعتبار والاتعاظ بما فيها من المواعظ .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبۡرَةٗ لِّمَن يَخۡشَىٰٓ} (26)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم قال: {إن في ذلك} يقول: إن في هلاك فرعون وقومه {لعبرة لمن يخشى} يعني لمن يذكر الله تعالى، يقول: لمن يخشى عقوبة الله تعالى، مثل ما فعل آل فرعون فلا يشرك، يخوف كفار مكة لئلا يكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم فيجازيهم مثل ما حل بقوم فرعون من العذاب...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

إن في العقوبة التي عاقب الله بها فرعون في عاجل الدنيا، وفي أخذه إياه، نكالَ الآخرة والأولى: عظة ومعتبرا لمن يخاف الله. ويخشى عقابه...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

وفي ذلك كله عبرة، لكن الذي يعتبر بها من يخشى العواقب، ويخاف عقوبة الله تعالى...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

(إن في ذلك لعبرة) يعني فيما قصه وأخبر به دلالة يمكن أن يعتبر بها العامل العاقل، فيعرف الحق ويميز بينه وبين الباطل، يقال: اعتبرته اعتبارا وعبرة، ومنه العبارة لأنه يعبر بالمعنى فيها إلى نفس المخاطب للإفهام، ومنه عبور النهر وتعبير الرؤيا بإخراج ما فيها بعبورها المعنى إلى النفس السائلة عنها.

وقوله (لمن يخشى) إنما خص من يخشى بالعبرة، لأنه الذي يعتبر بها وينتفع بالنظر فيها دون الكافر الذي لا يخشى عذاب الله، كما قال (هدى للمتقين)...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{إن في ذلك لعبرة لمن يخشى} والمعنى إن فيما اقتصصناه من أمر موسى وفرعون، وما أحله الله بفرعون من الخزي، ورزق موسى من العلو والنصر عبرة لمن يخشى وذلك أن يدع التمرد على الله تعالى، والتكذيب لأنبيائه خوفا من أن ينزل به ما نزل بفرعون، وعلما بأن الله تعالى ينصر أنبياءه ورسله، فاعتبروا معاشر المكذبين لمحمد بما ذكرناه، أي اعلموا أنكم إن شاركتموهم في المعنى الجالب للعقاب، شاركتموهم في حلول العقاب بكم...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{إن في ذلك} أي الأمر العظيم الذي فعله والذي فعل به {لعبرة} أي أمراً عظيماً- يتعمد الاعتبار به من معنى إلى معنى حتى يقع به الوصول إلى كثير من المعارف {لمن يخشى} أي من شأنه الخوف العظيم من الله لأن الخشية -كما تقدم- هي أساس الخير...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

فالذي يعرف ربه ويخشاه هو الذي يدرك ما في حادث فرعون من العبرة لسواه. أما الذي لا يعرف قلبه التقوى فبينه وبين العبرة حاجز، وبينه وبين العظة حجاب. حتى يصطدم بالعاقبة اصطداما. وحتى يأخذه الله نكال الآخرة والأولى. وكل ميسر لنهج، وكل ميسر لعاقبة. والعبرة لمن يخشى...

.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{إن في ذلك لعبرة لمن يخشى} فهو في معنى البيان لمضمون جملة {هل أتاك حديث موسى} الآيات. والإِشارة بقوله: {في ذلك} إلى {حديث موسى}.

والعِبرة: الحالة التي ينتقل الذهن من معرفتها إلى معرفة عاقبتها وعاقبة أمثالها، وهي مشتقة من العَبْر، وهو الانتقال من ضفة وادٍ أو نهر إلى ضفته الأخرى. والمراد بالعبرة هنا الموعظة. وتنوين (عبرة) للتعظيم لأن في هذه القصة مواعظ كثيرة من جهات هي مَثُلات للأعمال وعواقبها، ومراقبةِ الله وخشيته، وما يترتب على ذلك وعلى ضده من خير وشر في الدنيا والآخرة. وجُعل ذلك عبرة لمن يخشى، أي من تُخالط نفسَه خشيةُ الله لأن الذين يخشون الله هم أهل المعرفة الذين يفهمون دلالة الأشياء على لوازمها وخفاياها...

وفي هذا تعريض بالمشركين بأنهم ليسوا بأهل للانتفاع بمثل هذا كما لم ينتفع بمثله فرعون وقومه. وفي القصة كلها تعريض بسادة قريش من أهل الكفر مثل أبي جهل بتنظيرهم بفرعون وتنظير الدهماء بالقوم الذين حشرهم فرعون ونادى فيهم بالكفر، وقد عَلِم المسلمون مضرب هذا المثل فكان أبو جهل يوصف عند المسلمين بفرعون هذه الأمة. وتأكيد الخبر ب {إنَّ} ولام الابتداء لتنزيل السامعين الذين سيقت لهم القصة منزلة من ينكر ما فيها من المواعظ لعدم جريهم على الاعتبار والاتعاظ بما فيها من المواعظ...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

يستخلص القرآن نتيجة القصّة: (إنّ في ذلك لعبرة لِمَن يخشى). فتبيّن الآية بكلّ وضوح، إنّ وسائط سلك طريق الاعتبار مهيئة لمن سرى في قلبه الخوف والخشية من اللّه، واعترته مشاعر الإحساس بالمسؤولية، ومَن رأى العبرة بعين معتبرة اعتبر. نعم.. فقد اُغرق فرعون، واُهلك ملكه ودولته، وصار درساً شاخصاً لكل فراعنة وطواغيت ومشركي الزمان، وعبرةً لمن سار على نهجه الفاسد لكل عصر ومصر، ولا يجني مَن سار على خطاه سوى ما جنت يداه، وهي سُنّة اللّه، ولا تغيير ولا تبديل لسنّته جلّ شأنه...

.