في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ نَعَمۡ وَأَنتُمۡ دَٰخِرُونَ} (18)

وإذ كانوا لا يتدبرون هذه المشاهدات في هوادة ويسر ، وفي طمأنينة وهدوء . فهو يوقظهم إذن بشدة وعنف ، على مشهدهم في الآخرة مبعوثين . ويصور لهم ذلك المشهد وهم فيه يضطربون :

( قل : نعم وأنتم داخرون ) . .

نعم ستبعثون أنتم وآباؤكم الأولون . ستبعثون وأنتم داخرون ، ذلولون ، مستسلمون . غير مستعصين ولا متأبين . . نعم . . ثم يدخل في استعراض ذلك كيف يكون . وإذا هم أمام مشهد من المشاهد المطولة المتعددة الجوانب . المتنوعة الأساليب . المزدحمة بالمناظر الحية والحركات المتتابعة . يلتقي فيها الوصف بالحوار . فتسير على نسق الحكاية فترة ، ثم تنتقل إلى نسق الحوار أخرى . ويتخلل عرض الأحداث والحركات تعليقات وتعقيبات عليها . وبذلك يستكمل المشهد كل سمات الحياة :

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ نَعَمۡ وَأَنتُمۡ دَٰخِرُونَ} (18)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالُوَاْ إِن هََذَآ إِلاّ سِحْرٌ مّبِينٌ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَآؤُنَا الأوّلُونَ * قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ * فَإِنّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وقال هؤلاء المشركون من قُرَيش بالله لمحمد صلى الله عليه وسلم : ما هذا الذي جئتنا به إلاّ سحرٌ مبين . يقول : يبين لمن تأمله ورآه أنه سحر أئِذَا مِتْنا وكُنّا تُرَابا وَعِظاما أئِنّا لَمَبْعُوثُونَ يقولون ، منكرين بعث الله إياهم بعد بلائهم : أئنا لمبعوثون أحياء من قبورنا بعد مماتنا ، ومصيرنا ترابا وعظاما ، قد ذهب عنها اللحوم أوَ آباؤُنا الاوّلُونَ الذين مضوا من قبلنا ، فبادوا وهلكوا ؟ يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهؤلاء : نعم أنتم مبعوثون بعد مصيركم ترابا وعظاما أحياء كما كنتم قبل مماتكم ، وأنتم داخرون . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة أئِذَا مِتْنا وكُنّا تُرَابا وَعِظاما أئِنّا لَمَبْعُوثُونَ أو آباؤُنا الأوّلُونَ تكذيبا بالبعث قُلْ نَعَمْ وأنْتُمْ داخِرُونَ .

وقوله : وأنْتُم داخِرُونَ يقول تعالى ذكره : وأنتم صاغرون أشدّ الصّغَر من قولهم : صاغر داخر . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وأنْتُمْ داخِرُونَ : أي صاغرون .

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : وأنْتُم دَاخِرُونَ قال : صاغرون .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ نَعَمۡ وَأَنتُمۡ دَٰخِرُونَ} (18)

و{ أنتم داخرون } جملة في موضع الحال . والداخر : الصاغر الذليل ، أي تبعثون بعث إهانة مؤذنة بترقب العقاب لا بعث كرامة .

وفُرّع على إثبات البعث الحاصل بقوله : { نَعَمْ } ، أن بعثهم وشيك الحصول لا يقتضي معالجة ولا زمناً إن هي إلا إعادة تنتظر زجرة واحدة .