السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ نَعَمۡ وَأَنتُمۡ دَٰخِرُونَ} (18)

ثم إنه تعالى لما حكى عنهم هذه الشبهة قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { قل } أي : لهؤلاء البعداء البغضاء { نعم } أي : تبعثون على كل تقدير قدرتموه { وأنتم داخرون } أي : مكرهون عليه صاغرون ذليلون وإنما اكتفى تعالى بهذا القدر من الجواب ؛ لأنه ذكر في الآية المتقدمة البرهان القطعي على أنه أمر ممكن وإذا ثبت الجواز القطعي فلا سبيل إلى القطع بالوقوع إلا بإخبار المخبر الصادق ، فلما قامت المعجزة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم كان واجب الصدق فكان مجرد قوله { نعم } دليلاً قاطعاً على الوقوع ، وقرأ { متنا } بضم الميم ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وشعبة ، وكسرها الباقون .

وأما { أءذا } و{ أئنا } فقرأ نافع والكسائي بالاستفهام في الأول والخبر في الثاني وابن عامر بالخبر في الأول والاستفهام في الثاني ، والباقون بالاستفهام فيهما وسهل الهمزة الثانية في الاستفهام نافع وابن كثير وأبو عمرو وحقق الباقون ، وأدخل في الاستفهام الفاء بين الهمزتين قالون وأبو عمرو وهشام ، والباقون بغير إدخال ، وقرأ قالون وابن عامر أو آباؤنا بسكون الواو على أنها أو العاطفة المقتضية للشك ، والباقون بفتحها على أنها همزة الاستفهام دخلت على واو العطف ، وقرأ الكسائي { نعم } بكسر العين وهو لغة فيه .