في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأۡتُواْ بِـَٔابَآئِنَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (36)

ويستدلون على أنه ليس هناك إلا هذه الموتة وينتهي الأمر . يستدلون بأن آباءهم الذين ماتوا هذه الموتة ومضوا لم يعد منهم أحد ، ولم ينشر منهم أحد ؛ ويطلبون الإتيان بهم إن كان النشور حقاً وصدقاً .

وهم في هذا الطلب يغفلون عن حكمة البعث والنشور ؛ ولا يدركون أنها حلقة من حلقات النشأة البشرية ، ذات حكمة خاصة وهدف معين ، للجزاء على ما كان في الحلقة الأولى . والوصول بالطائعين إلى النهاية الكريمة التي تؤهلهم لها خطواتهم المستقيمة في رحلة الحياة الدنيا ؛ والوصول بالعصاة إلى النهاية الحقيرة التي تؤهلهم لها خطواتهم المنتكسة المرتكسة في الحمأة المستقذرة . . وتلك الحكمة تقتضي مجيء البعث والنشور بعد انقضاء مرحلة الأرض كلها ؛ وتمنع أن يكون البعث لعبة تتم حسب رغبة أو نزوة بشرية لفرد أو لجماعة محدودة من البشر كي يصدقوا بالبعث والنشور ! وهم لا يكمل إيمانهم إلا أن يشهدوا بالغيب على هذه القضية ، التي يخبرهم بها الرسل ؛ ويقتضيها التدبر في طبيعة هذه الحياة ، وفي حكمة الله في خلقها على هذا الأساس . وهذا التدبر وحده يكفي للإيمان بالآخرة ، والتصديق بالنشور .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَأۡتُواْ بِـَٔابَآئِنَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (36)

وقوله : فَأتُوا بِآبَائِنَا إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ يقول تعالى ذكره : قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم : فأتوا بآبائنا الذين قد ماتوا إن كنتم صادقين ، أن الله باعثنا من بعد بلانا في قبورنا ، ومحيينا من بعد مماتنا ، وخوطب صلى الله عليه وسلم هو وحده خطاب الجميع ، كما قيل : يا أيّها النّبِيّ إذَا طَلّقْتُمُ النّساءَ وكما قال رَبّ ارْجِعُونِ وقد بيّنت ذلك في غير موضع من كتابنا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأۡتُواْ بِـَٔابَآئِنَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (36)

وجعلوا قولهم : { فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين } حجة على نفي البعث بأن الأموات السابقين لم يرجع أحد منهم إلى الحياة وهو سفسطة لأن البعث الموعود به لا يحصل في الحياة الدنيا ، وهذا من توركهم واستهزائهم .

وضمير جمع المخاطبين أرادوا به النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين الذين كانوا يقولون لهم { إنكم مبعوثون } [ هود : 7 ] كما جاء في حديث خبّاب بن الأرتّ مع العاصي بن وائل الذي نزل بسببه قوله تعالى : { أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوَتَيَنّ مالاً وولداً } الآية ، وتقدم في سورة مريم ( 77 ) .