تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَأۡتُواْ بِـَٔابَآئِنَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (36)

الآية 36 وقوله تعالى : { فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين } هذا منهم احتجاج عليه ؛ يقولون : لو كنت صادقا فيما تقول : إنه بعث وإحياء ، فأخّر من ذُكر ، وأرِ آيات بهم .

لكن هذا احتجاج باطل لأن الآيات والحجج ليست تنزل ، وتأتي على [ ما ]{[19122]} تشتهي أنفس أولئك ، ولكن تنزل على [ ما ]{[19123]} توجبه الحكمة وعلى ما فيه الحجة لا على ما يريد المقام عليهم الحجة كما في الشاهد أنّ الواجب على المُدّعي إقامة ما هو حجة في ذاتها لا إقامة ما يريد{[19124]} من المُدّعى عليه .

والنبي صلى الله عليه وسلم قد أتاهم من البيان والحجة ما يوجب البعث والإحياء بعد الموت ، لو تأمّلوا ، ولم يكابروا عقولهم . ويكول سؤالهم منه آية أخرى مردودا{[19125]} عليهم ، والله أعلم .

وبعد فإن الله تعالى عز وجل قد وعد البقاء لهذه الأمة إلى يوم القيامة ، ولو أعطاهم ما سألوا من الآيات ، ثم أنكروها ، أُهلكوا ، واستُؤصِلوا ، إذ من سنّته أن كل آية ، أتت ، ونزلت ، على إثر سؤال كان منهم ، ثم أنكروا ، كان في ذلك هلاك وعذاب . لذلك لم يُعطهم ما سألوا ، والله أعلم .


[19122]:من م، ساقطة من الأصل.
[19123]:من م، ساقطة من الأصل.
[19124]:في الأصل وم: ها.
[19125]:في الأصل وم: مردود.