في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ} (193)

192

( وإنه لتنزيل رب العالمين . نزل به الروح الأمين . على قلبك لتكون من المنذرين . بلسان عربي مبين ) . .

والروح الأمين جبريل - عليه السلام - نزل بهذا القرآن من عند الله على قلب رسول الله[ صلى الله عليه وسلم ] هو أمين على ما نزل به ، حفيظ عليه ، نزل به على قلبه فتلقاه تلقيا مباشرا ، ووعاه وعيا مباشرا . نزل به على قلبه ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين . هو لسان قومه الذي يدعوهم به ، ويتلو عليهم القرآن . وهم يعرفون مدى ما يملك البشر أن يقولوا ؛ ويدركون أن هذا القرآن ليس من جنس كلام البشر ، وإن كان بلغتهم ؛ وأنه بنظمه ، وبمعانيه ، وبمنهجه ، وبتناسقه . يشي بأنه آت من مصدر غير بشري بيقين .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ} (193)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِنّهُ لَتَنزِيلُ رَبّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرّوحُ الأمِينُ * عَلَىَ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيّ مّبِينٍ } .

يقول تعالى ذكره : وإنّ هذا القرآن لتَنْزِيلُ رَبّ العَالَمينَ والهاء في قوله وَإنّهُ كناية الذكر الذي في قوله : وَما يَأْتِيهِمْ منْ ذِكْرٍ منَ الرّحْمَنِ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، في قوله لتَنْزِيلُ رَبّ العالَمِينَ قال : هذا القرآن .

واختلف القرّاء في قراءة قوله نَزَلَ بِهِ الرّوحُ الأَمِينُ فقرأته عامة قرّاء الحجاز والبصرة نَزَلَ بهِ مخففة الرّوحُ الأَمِينُ رفعا بمعنى : أن الروح الأمين هو الذي نزل بالقرآن على محمد ، وهو جبريل . وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الكوفة نَزّلَ مشددة الزاي الرّوحَ الأَمِينَ نصبا ، بمعنى : أن ربّ العالمين نزّل بالقرآن الروح الأمين ، وهو جبريل عليه السلام .

والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إنهما قراءتان مستفيضتان في قرّاء الأمصار ، متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، وذلك أن الروح الأمين إذا نزل على محمد بالقرآن ، لم ينزل به إلا بأمر الله إياه بالنزول ، ولن يجهل أن ذلك كذلك ذو إيمان بالله ، وأن الله إذا أنزله به نزل . وبنحو الذي قلنا في أن المعنيّ بالروح الأمين في هذا الموضع جبريل قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : نَزَلَ بِهِ الرّوحُ الأَمِينُ قال : جبريل .

حدثنا الحسين ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قول الله نَزَلَ بِهِ الرّوحُ الأمِينُ قال : جبريل .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج قال الرّوحُ الأمِينُ جبريل .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله الرُوحُ الأَمِينُ قال : جبريل .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ} (193)

و { الروح الأمين } ، جبريل عليه السلام بإجماع ، ونزل باللفظ العربي والمعاني الثابتة في الصدور والمصاحف ، وعلى ذلك كله يعود الضمير في { به } و «اللسان » ، عبارة عن اللغة ، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية حفص «نزَل » خفيفة الزاي «الروحُ » رفع ، وقرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم وحمزة والكسائي بشد الزاي «الروحَ » نصباً ورجحها أبو حاتم بقوله تعالى : { فإنه نزله على قلبك }{[8967]} [ البقرة : 97 ] . وبقوله { لتنزيل رب العالمين } . وقوله ، { به } في موضع الحال كقوله تعالى : { وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به }{[8968]} [ المائدة : 61 ] .


[8967]:من قوله تعالى في الآية 97 من سورة البقرة/ {قل من كان عدوا لجبريل فغنه نزله على قلبك بإذن الله}.
[8968]:من الآية 61 من سورة المائدة.