تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فِي جَنَّـٰتٖ يَتَسَآءَلُونَ} (40)

{ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ }

أي : في جنات قد حصل لهم بها جميع مطلوباتهم ، وتمت لهم الراحة والطمأنينة ، حتى أقبلوا يتساءلون ،

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فِي جَنَّـٰتٖ يَتَسَآءَلُونَ} (40)

أي : يسألون المجرمين وهم في الغرفات وأولئك في الدركات قائلين لهم : { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ } أي : ما عبدنا ربنا ولا أحسنا إلى خلقه من جنسنا ،

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فِي جَنَّـٰتٖ يَتَسَآءَلُونَ} (40)

وقوله : { في جنّات } يجوز أن يكون متعلقاً بقوله : { يتساءلون } قدّم للاهتمام ، و { يتساءلون } حال من { أصحاب اليمين } وهو مناط التفصيل الذي جيء لأجله بالاستثناء المنقطع .

ويجوز أن يكون { في جنات } خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم في جنات . والجملة استئناف بياني لمضمون جملة الاستثناء ويَكون { يتساءَلون } حالاً من الضمير المحذوف .

ومعنى { يتساءلون } يجوز أن يكون على ظاهر صيغة التفاعل للدلالة على صدور الفعل من جانبين ، أي يسأل أصحاب اليمين بعضُهم بعضاً عن شأن المجرمين ، وتكون جملة { ما سلككم في سقر } بياناً لجملة { يتساءلون . } وضمير الخطاب في قوله : { سلككم } يؤذن بمحذوف والتقدير : فيسألون المجرمين ما سلككم في سقر ، وليس التفاتاً ، أو يقول بعض المسؤولين لأصحابهم جواباً لسائليهم قلنا لهم : ما سلككم في سقر .

ويجوز أن يكون صيغة التفاعل مستعملة في معنى تكرير الفعل أي يكثر سؤال كل أحد منهم سؤالاً متكرراً أو هو من تعدد السؤال لأجل تعدد السائلين .

قال الزمخشري في تفسير قوله تعالى : { واتقوا الله الذي تسَّاءَلون به } في أول سورة النساء ( 1 ) هو كقولك تَداعينا . ونقل عنه أيضاً أنه قال هنا : إذا كان المتكلم مفرداً يقال : دعوت ، وإذا كان المتكلم متعدّداً يقال : تداعينا ، ونظيره ، رميتُه وتراميناه ورأيت الهلال وتَراءيناه ولا يكون هذا تفاعلاً من الجانبين اه . ذكره صاحب الكشّاف } في سورة النساء ، أي هو فعل من جانب واحد ذي عدد كثير ، وعلى هذا يكون مفعول { يتساءَلون } محذوفاً يدلّ عليه قوله { عن المجومين } .

والتقدير : يتساءلون المجرمين عنهم ، أي عن سبب حصولهم في سقر ، ويدل عليه بيان جملة { يتساءلون } بجملة { ما سلككم في سقر } ، فإن { ما سلككم } في بيان للتساؤل .

وأصل معنى سلكه أدخله بين أجزاء شيء حقيقة ومنه جاء سِلْك العِقد ، واستعير هنا للزج بهم ، وتقدم في سورة الحجر ( 12 ) قوله تعالى : { كذلك نَسْلُكْهُ في قلوب المجرمين } وفي قوله : { نُسْلِكْه عذاباً صعداً } في سورة الجن ( 17 ) . والمعنى : ما زجَّ بكم في سقر .

فإن كان السؤال على حقيقته والاستفهام مستعملاً في أصل معناه كان الباعث على السؤال :

إِمَّا نسيان الذي كانوا عَلِموه في الدنيا من أسباب الثواب والعقاب فيبقى عموم { يتساءلون } الراجع إلى أصحاب اليمين وعموم المجرمين على ظاهره ، فكل من أصحاب اليمين يشرف على المجرمين من أعالي الجنة فيسألهم عن سبب ولوجهم النار فيحصل جوابهم وذلك إلهام من الله ليحمده أهل الجنّة على ما أخذوا به من أسباب نجاتهم ممّا أصاب المجرمين ويفرحوا بذلك .

وإما أن يكون سؤالاً موجهاً من بعض أصحاب اليمين إلى ناس كانوا يَظنونهم من أهل الجنة فرأوهم في النار من المنافقين أو المرتدين بعد موت أصحابهم ، فيكون المراد بأصحابه اليمين بعضهم وبالمجرمين بعضهم وهذا مثل ما في قوله تعالى : { وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } الآيات في سورة الصافات ( 27 ، 28 ) وقوله فيها : { قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين } إلى قوله { في سواء الجحيم } [ الصافات : 51 55 ] .

وإن كان السؤال ليس على حقيقته وكان الاستفهام مستعملاً في التنديم ، أو التوبيخ فعموم أصحاب اليمين وعموم المجرمين على حقيقته .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فِي جَنَّـٰتٖ يَتَسَآءَلُونَ} (40)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

أصحاب اليمين في بساتين يتساءلون

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 38]

] {إلا أصحاب اليمين} {في جنات يتساءلون} أصحاب اليمين، هم الذين وصفهم الله تعالى في موضع آخر، في كتابه، وهو قوله عز وجل: {فأما من أوتي كتابه بيمينه} [الحاقة: 19، والانشقاق: 7] فاستثنى أصحاب اليمين من جملة المرتهنين لأنه ذكر الرّهون بلفظ يعبر بها عن الجمع، وهو قوله تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة} فاستقام استثناء الجماعة من تلك الجملة أي أصحاب اليمين قد سبقت منهم الأعمال التي يستوجبون بها الإطلاق من الحبس لأن المجرمين صاروا مرهونين بإجرامهم، وأصحاب اليمين قد اكتسبوا الخيرات، وعملوا الصالحات

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

ثم ذكر تعالى حال {أصحاب اليمين} وأنهم في جنات يسأل بعضهم بعضاً عمن غاب من معارفه، فإذا علموا أنهم مجرمون في النار، قالوا لهم أو قالت الملائكة: {ما سلككم في سقر}؟

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

أي: يسألون المجرمين وهم في الغرفات وأولئك في الدركات.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما أخرجهم عن حكم الارتهان الذي أطلق على الإهلاك لأنه سببه، استأنف بيان حالهم فقال: {في جنات} أي بساتين في غاية العظم لأنهم أطلقوا أنفسهم وفكوا رقابهم فلم يرتهنوا.

ولما كان السؤال عن حال الغير دالاً دلالة واضحة على الراحة والفراغ عن كل ما يهم النفس، عبر عن راحتهم في أجل وعظ وألطف تحذير بقوله: {يتساءلون *} أي فيما بينهم يسأل بعضهم بعضاً.

محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :

{في جنات} أي هم في جنات لا يدرك وصفها {يتساءلون عن المجرمين} أي يسألون عنهم وإيثار صيغة التفاعل للتكثير ومنه.

وقال القاشاني أي يسأل بعضهم بعضا عن حال المجرمين لاطلاعهم عليها وما أوجب تعذيبهم وبقاءهم في سقر.