تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَسَتُبۡصِرُ وَيُبۡصِرُونَ} (5)

قال : { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ } وقد تبين أنه أهدى الناس ، وأكملهم لنفسه ولغيره ، وأن أعداءه أضل الناس ، [ وشر الناس ]{[1189]}  للناس .


[1189]:- زيادة من هامش ب.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَسَتُبۡصِرُ وَيُبۡصِرُونَ} (5)

وقوله : { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ } أي : فستعلم يا محمد ، وسيعلم مخالفوك ومكذبوك : من المفتون الضال منك ومنهم . وهذا كقوله تعالى : { سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الأشِرُ } [ القمر : 26 ] ، وكقوله : { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ } [ سبأ : 24 ] .

قال ابن جريج : قال ابن عباس في هذه الآية : ستعلم ويعلمون يوم القيامة .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : { بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ } أي : الجنون . وكذا قال مجاهد ، وغيره . وقال قتادة وغيره : { بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ } أي : أولى بالشيطان .

ومعنى المفتون ظاهر ، أي : الذي قد افتتن عن الحق وضل عنه ، وإنما دخلت الباء في قوله : { بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ } لتدل على تضمين الفعل في قوله : { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ } وتقديره : فستعلم ويعلمون ، أو : فستُخْبَر ويُخْبَرون بأيكم المفتون . والله أعلم .

   
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَسَتُبۡصِرُ وَيُبۡصِرُونَ} (5)

الفاء للتفريع على قوله : { مَا أنت بنعمة ربك بمجنون } [ القلم : 2 ] باعتبار ما اقتضاه قوله { بنعمة ربك } [ القلم : 2 ] من إبطال مقالة قيلت في شأنه قالها أعداؤه في الدين ، ابتدأ بإبطال بهتانهم ، وفرع عليه أنهم إذا نظروا الدلائل وتوسموا الشمائل علموا أي الفريقين المفتون أَهُم مفتونون بالانصراف عن الحق والرشد ، أم هو باختلال العقل كما اختلقوا .

والمقصود هو ما في قوله : { ويبصرون } ولكن أدمج فيه قوله : { فستبصر } ليتأتى بذكر الجانبين إيقاعُ كلام منصف ( أي داع إلى الإِنصاف ) على طريقة قوله : { وإنا أو إياكم لَعَلَى هُدى أو في ضلال مبين } [ سبأ : 24 ] لأن القرآن يبلغ مسامعهم ويتلى عليهم .

وفعْلا ( تبصر ويبصرون ) ، بمعنى البصر الحسي . وروي عن ابن عباس ، أن معناه فستعلم ويعلمون ، فجعله مثل استعمال فعل الرؤية في معنى الظن ، فلعله أراد تفسير حاصل المعنى إذ قد قيل إن الفعل المشتق من ( أبصر ) لا يستعمل بمعنى الظن والاعتقاد عند جمهور اللغويين والنحاة خلافاً لهشام كذا في « التسهيل »{[433]} فالمعنى : ستَرى ويَرَون رأيَ العين أيكم المفتون فإن كان بمعنى العلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ذلك فالسين في قوله : { فستبصر } للتأكيد ، وأما المشركون فسيرون ذلك ، أي يعلمون آثار فتونهم وذلك فيما يرونه يوم بدر ويوم الفتح .

وإن كان بمعنى البصر الحسي فالسين والتاء في كلا الفعلين للاستقبال .

وضمير { يُبصرون } عائد إلى معلوم مقدر عند السامع وهم المشركون القائلون : هو مجنون .


[433]:- شام بن معاوية الكوفي من أصحاب الكسائي توفي سنة 209.