الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ثُمَّ أَغۡرَقۡنَا ٱلۡأٓخَرِينَ} (82)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

قوم نوح.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"ثُمّ أغْرَقْنا الآخَرِينَ" يقول تعالى ذكره: ثم أغرقنا حين نجّينا نوحا وأهله من الكرب العظيم من بَقِيَ من قومه...عن قتادة "ثُمّ أغْرَقْنا الآخَرِينَ "قال: أنجاه الله ومن معه في السفينة، وأغرق بقية قومه.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

يقتضي أنه أغرق قوم نوح وأمته ومكذبيه، وليس في ذلك نص على أن الغرق عم جميع أهل الأرض، ولكن قد قالت جماعة من العلماء وأسندت أحاديث بأن الغرق عم جميع الناس إلا من كان معه في السفينة، وعلى هذا ترتب القول بأن الناس اليوم من ذريته، وقالوا لم يكن الناس حينئذ بهذه الكثرة لأن عهد آدم كان قريباً، وكانت دعوة نوح ونبوءته قد بلغت جميعهم لطول المدة واللبث فيهم فكان الجميع كفرة، عبدة أوثان، لم يثنهم الحق إلى نفسه فلذلك أغرق جميعهم.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما أفهم تخصيص ذريته بالبقاء إهلاك غيرهم، وقدم ما هو أهل له من مدحه اهتماماً به وترغيباً في مثله، أخبر عن أعدائه بأنه أوقع بهم لأنهم لم يتحلوا بما كان سبب سعادته من الإيمان بقوله: مشيراً إلى العظمة التي أوجدها سبحانه في إغراقهم بأداة التراخي: {ثم أغرقنا} أي بما لنا من العظمة التي لا يقوم لها شيء.

{الآخرين} أي الذي غايروه في الأقوال والأفعال فاستحقوا أضداد أفعالنا معه وهم أهل الأرض كلهم غير أهل السفينة وكلهم قومه كما هو ظاهر الآيات،إذا تؤمل تعبيرها عن الدعوة والإغراق ودعائه عليه السلام عليهم، وظاهر ما رواه الشيخان وغيرهما عن أنس رضي الله عنه في حديث الشفاعة أن الناس يقولون:"ائتوا نوحاً أول نبي بعثه الله إلى أهل الأرض".

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

مضت سنة الله منذ فجر البشرية البعيد، وفق ذلك الإجمال في مقدمة القصص: (ولقد أرسلنا فيهم منذرين. فانظر كيف كان عاقبة المنذرين. إلا عباد الله المخلصين)..

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

في التعبير عنهم بالآخرين ضرب من الاحتقار.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

وقوله: {ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ} يعني: الكافرين. وكلمة (الأخِرِين) إهمالٌ لهم، واحتقارٌ لشأنهم.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

أمّا الآية الأخيرة في بحثنا فقد وضّحت بعبارة قصيرة شديدة اللهجة مصير تلك الاُمّة الظالمة الشريرة الحاقدة: (ثمّ أغرقنا الآخرين)، إذ انهمر المطر سيلا من السماء، وتفجّرت الأرض عيوناً، وغطّت المياه اليابسة كبحر هائج دكّ بأمواجه المتلاطمة الشامخة عروش الطغاة ودمّرها، لافظاً إيّاهم بعدئذ أجساداً هامدة لا حياة فيها ولا روح.

والذي يلفت النظر أنّ الله سبحانه وتعالى استعرض ألطافه على نوح في عدّة آيات، فيما بيّن عذابه لقوم نوح العاصين في عبارة واحدة قصيرة يرافقها التحقير، وعدم الاهتمام بهم، لأنّ حالة نصر المؤمنين وعزّتهم وتأييد الباري سبحانه لهم جديرة بالتوضيح، وبيان حال المعاندين والعاصين لا يجدر بالاهتمام والاعتناء.

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَغۡرَقۡنَا ٱلۡأٓخَرِينَ} (82)

ولما أفهم تخصيص ذريته بالبقاء إهلاك غيرهم ، وقدم ما هو أهل له من مدحه اهتماماً به وترغيباً في مثله ، أخبر عن أعدائه بأنه أوقع بهم لأنهم لم يتحلوا بما كان سبب سعادته من الإيمان بقوله : مشيراً إلى العظمة التي أوجدها سبحانه في إغراقهم بأداة التراخي : { ثم أغرقنا } أي بما لنا من العظمة التي لا يقوم لها شيء { الآخرين * } أي الذي غايروه في الأقوال والأفعال فاستحقوا أضداد أفعالنا معه وهم أهل الأرض كلهم غير أهل السفينة وكلهم قومه كما هو ظاهر الآيات إذا تؤمل تعبيرها عن الدعوة والإغراق ودعائه عليه السلام عليهم ، وظاهر ما رواه الشيخان وغيرهما عن أنس رضي الله عنه في حديث الشفاعة أن الناس يقولون :

" ائتوا نوحاً أول نبي بعثه الله إلى أهل الأرض " ، وإنما كانوا قوماً لا أكثر ، لأنهم كانوا على لسان واحد قبل بلبلة الألسن باتفاق أهل التأريخ ، وذلك كما أن العرب يطلق عليهم كلهم على انتشارهم واتساع بلادهم أنهم قوم ، لاجتماعهم في اللسان مع أنهم قبائل لا يحصيهم العد ، ولا يجمعهم نسب واحد إلا في إسماعيل عليه السلام ، وقيل فيما فوقه ، فإن النسابين أجمعوا على أن عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام ، قالوا : هو من ولد عدنان ، واختلفوا في قحطان أبي اليمن وكذا ثقيف ، فقيل : هما من ولد إسماعيل عليه السلام ، وقيل لا ، ثم من قال : إن ثقيفاً من ولد إسماعيل عليه السلام ، قالوا : هو من ولد عدنان ، وقال بعضهم : لا ، ثم إن من ولد عدنان ربيعة ومضر ، ومن دون مضر كنانة وهذيل والقارة وخزاعة وأسد وتميم ومزينة والرباب وضبة وقيس ، ودون ذلك باهله وأشجع وفزارة وكنانة وقريش وخلائق ، ومن دون ربيعة بكر بن وائل وغيرهم ، ومن دون ذلك شيبان وعبد القيس والنمر وخلائق ، ودون قحطان أبي اليمن لخم وجذام وعائلة وغسان وكندة وهمدان والأزد ، ومنهم الأنصار وخلائق غير ذلك ، فهؤلاء كلهم - على هذا التشعب والانتشار والاختلاف في الأديان ، بل وفي بعض اللغة - يسمون أمة واحدة وقوماً لجمع اللسان لهم في أصل العربية ، وبنو إسحاق ليسوا منهم بلا خلاف ، مع أنهم أولاد عمهم لمخالفتهم لهم في اللسان على أنهم أقرب من قحطان وثقيف في النسب عند من قال إنهم ليسوا من ولد إسماعيل عليه السلام ، وكذا بنو إسحاق عليه السلام افترقوا بافتراق اللسان ، فبنوا إسماعيل قوم ، وبنو العيص - وهم الروم - قوم ، وكذا سائر الأمم إنما يفرق بينهم اللسان ، وعموم دعوته لبني آدم عليه السلام على هذا الوجه لا يقدح في خصوصية نبينا صلى الله عليه وسلم بعموم الدعوة والأرسال إلى غير قومه ، أما العموم فإنه أرسل إلى كل من ينوس من الإنس والملائكة والجن ، وأما دعاء الأقوام فالمراد أنه أرسل إلى الموافق في اللسان والمخالف فيه ، وأما غيره فما أرسل إلى من خالفه في اللسان ولا إلى غير جنسه وإن كان يندب له أنه يأمر بالمخالفين في اللسان وينهاهم من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير وجوب ، ولو سلمنا في نوح عليه السلام أنه لم يبعث إلى جميع أهل الأرض انتقض بآدم عليه السلام فإنه نبي مرسل ، كما روى ذلك الإمام أحمد وأبو داود الطيالسي ومحمد بن يحيى بن أبي عمر وأبو بكر بن أبي شيبة والحارث بن أبي أسامة وأبو يعلى الموصلي وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم والطبراني في معجمه الأوسط عن أبي أمامة الباهلي وأبي ذر رضي الله عنهما وفي بعض طرق أبي ذر التصريح بالإرسال ولا يشك أحد أنه كان رسولاً إلى جميع من أدركه من أولاده ، وهم جميع أهل الأرض ، وكذلك نوح عليه السلام ، لا يشك أحد أنه كان بعد الغرق رسولاً إلى جميع أهل السفينة كما كان قبل ذلك : وهم جميع أهل الأرض ، فما قدمت من أن الخصوصية بالإرسال إلى ذوي الألسن المختلفة من جميع بني آدم ، وإلى المخالف في الجنس من كل من ينوس هو المزيل للإشكال - والله الموفق .