تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ يُؤۡفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ} (63)

{ كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } أي : عقوبة على جحدهم لآيات الله ، وتعديهم على رسله ، صرفوا عن التوحيد والإخلاص ، كما قال تعالى : { وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ يُؤۡفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ} (63)

56

ولكنه هكذا يصرف ناس عن هذا الحق الواضح . هكذا كما يقع من المخاطبين الأولين بالقرآن . كذلك كان في كل زمان ؛ بلا سبب ولا حجة ولا برهان :

( كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ يُؤۡفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ} (63)

وقوله : { كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } أي : كما ضل هؤلاء بعبادة غير الله ، كذلك أفك الذين من قبلهم ، فعبدوا غيره بلا دليل ولا برهان بل بمجرد الجهل والهوى ، وجحدوا حجج الله وآياته .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ يُؤۡفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ} (63)

هذه الجملة معترضة بمنزلة التعليل لمضمون الجملة التي قبلها وهو التعجيب من انصرافهم عن عبادة ربهم خالقهم وخالق كل شيء فإن في تعليل ذلك ما يبين سبب التعجيب ، فجيء في جانب المأفوكين بالموصول لأن الصلة تومىء إلى وجه بناء الخبر وعلتِه ، أي أن استمرارهم على الجحد بآيات الله دون تأمل ولا تدبّر في معانيها ودلائلها يَطبع نفوسهم على الانصراف عن العلم بوجوب الوحدانية له تعالى . فالإِشارة بذلك إلى الإِفك المأخوذ من فعل { تؤفكون } [ غافر : 62 ] أي مثل إفككم ذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون .

فيجوز أن يكون المراد بالذين { كانوا بآياتِ الله يَجْحَدون } المخاطبين بقوله : { ذلكم الله رَبُّكُم } [ غافر : 62 ] ، ويكون الموصول وصلته إظهاراً في مقام الإِضمار ، والمعنى : كذلك تؤفكون ، أي مثلَ أَفككم تُؤفكون ، ويكون التشبيه مبالغة في أن إفكهم بلغ في كنه الأَفك النهاية بحيث لو أراد المقرِّب أن يقربه للسامعين بشبيه له لم يجد شبيهاً له أوضح منه وأجلى في ماهيته فلا يسعه إلا أن يشبهه بنفسه على الطريقة المألوفة المبينة في قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } [ البقرة : 143 ] ، وبذلك تكون صلة الموصول من قوله : { الذين كانوا بئاياتت الله يجحَدُون } إيماء إلى علة إفكهم تعليلاً صريحاً .

ويجوز أن يكون المراد ب { الذين كانوا بآياتِ الله يجحَدُون } كلَّ من جحد بآيات الله من مشركي العرب ومن غيرهم من المشركين والمكذبين فيصير التعليل المومى إليه بالصلة تعليلاً تعريضياً لأنه إذا كان الأفك شأن الذين يجحدون بآيات الله كلهم فقد شمل ذلك هؤلاء بحكم المماثلة . وصيغة المضارع لاستحضار الحالة ، وذكر فعل الكون للدلالة على أن الجحد بآيات الله شأنهم وهجِّيراهم .

وهذا أصل عظيم في الأخلاق العلمية ، فإن العقول التي تتخلق بالإِنكار والمكابرة قبل التأمل في المعلومات تصرف عن انكشاف الحقائق العلمية فتختلط عليها المعلومات ولا تميّز بين الصحيح والفاسد .