وبعد تقرير هذا المبدأ يعرض عليهم مشهداً من مشاهد يوم الفصل ؛ وما ينتهي إليه العصاة والطائعون من عذاب ومن نعيم . مشهداً عنيفاً يتناسق مع ظلال السورة وجوها العنيف :
( إن شجرة الزقوم طعام الأثيم ، كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم . خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم . ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم . ذق إنك أنت العزيز الكريم . إن هذا ما كنتم به تمترون . )
( إن المتقين في مقام أمين . في جنات وعيون . يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين . كذلك وزوجناهم بحور عين . يدعون فيها بكل فاكهة آمنين . لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم . فضلاً من ربك . ذلك هو الفوز العظيم ) . .
يقول تعالى مخبرًا عما يعذب به [ عباده ]{[26267]} الكافرين الجاحدين للقائه : { إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأثِيمِ } والأثيم أي : في قوله وفعله ، وهو الكافر . وذكر غير واحد أنه أبو جهل ، ولا شك في دخوله في هذه الآية ، ولكن ليست خاصة به .
قال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان عن الأعمش ، عن إبراهيم{[26268]} عن همام بن الحارث ، أن أبا الدرداء كان يقرئ رجلا { إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأثِيمِ } فقال : طعام اليتيم فقال أبو الدرداء قل : إن شجرة الزقوم طعام الفاجر . أي : ليس له طعام غيرها .
قال مجاهد : ولو وقعت منها قطرة في{[26269]} الأرض لأفسدت على أهل الأرض معايشهم . وقد تقدم نحوه مرفوعا .
لما ذكر الله فريقاً مرحومين على وجه الإجمال قابله هنا بفريق معذَّبين وهم المشركون ، ووصف بعض أصناف عذابهم وهو مأكلهم وإهانتهم وتحريقهم ، فكان مقتضى الظاهر أن يبتدأ الكلام بالإخبار عنهم بأنهم يأكلون شجرة الزقوم كما قال في سورة الواقعة ( 51 ، 52 ) { ثم إنكم أيها الضالّون المكذّبون لآكلون من شجرٍ من زقومٍ } الآية ، فعُدل عن ذلك إلى الإخبار عن شجرة الزقوم بأنها طعام الأثيم اهتماماً بالإعلام بحال هذه الشجرة . وقد جُعلت شجرة الزقوم شيئاً معلوماً للسامعين فأخبر عنها بطريق تعريف الإضافة لأنها سبق ذكرها في سورة الواقعة التي نزلت قبل سورة الدخان فإن الواقعة عدت السادسة والأربعين في عداد نزول السور وسورة الدخان ثالثة وستين . ومعنى كون الشجرة طعاماً أن ثمرها طعام ، كما قال تعالى : { طَلعُها كأنه رؤوس الشياطين فإنَّهم لآكلون منها } [ الصافات : 65 ، 66 ] .
وكتبت كلمة { شجرت } في المصاحف بتاء مفتوحة مراعاة لحالة الوصل وكان الشائع في رسم أواخر الكلم أن تراعى فيه حالة الوقف ، فهذا مما جاء على خلاف الأصل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.