القول في تأويل قوله تعالى : { فَأَمّا مَن طَغَىَ * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدّنْيَا * فَإِنّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىَ * وَأَمّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ وَنَهَى النّفْسَ عَنِ الْهَوَىَ * فَإِنّ الْجَنّةَ هِيَ الْمَأْوَىَ } .
يقول تعالى ذكره : فأما من عتا على ربّه ، وعصاه واستكبر عن عبادته .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : طَغَى قال : عصى .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: فأما من عتا على ربّه، وعصاه واستكبر عن عبادته.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أي عصى، وتمرد، وطغى بأنعم الله تعالى، فاستعملها في معاصيه، أو جاوز حدود الله...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
الطغيان: العصيان بمجاوزة الحد فيه إلى الإفراط فيه، فكل كافر طاغ بإفراطه في ظلم نفسه، وظلم النفس كظلم غيرها في التعاظم...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{فَأَمَّا} جواب {فَإِذَا} أي: فإذا جاءت الطامة فإنّ الأمر كذلك والمعنى: فإنّ الجحيم مأواه...
في جواب قوله: {فإذا جاءت الطامة الكبرى} وجهان؛
(الأول): قال الواحدي: إنه محذوف على تقدير إذا جاءت الطامة دخل أهل النار النار، وأهل الجنة الجنة، ودل على هذا المحذوف، ما ذكر في بيان مأوى الفريقين.
(والثاني): أن جوابه قوله: {فإن الجحيم هي المأوى} وكأنه جزاء مركب على شرطين نظيره إذا جاء الغد، فمن جاءني سائلا أعطيته، كذا ههنا أي إذا جاءت الطامة الكبرى فمن جاء طاغيا فإن الجحيم مأواه...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والفاء في قوله: {فأما من طغى} رابطة لجواب (إذا) لأن جملة {من طغى} إلى آخرها جملة اسمية ليس فيها فعل يتعلق به (إذا) فلم يَكن بين (إذا) وبين جوابها ارتباط لفظي فلذلك تُجلب الفاء لربط الجواب في ظاهر اللفظ، وأما في المعنى فيعلم أن (إذا) ظرف يتعلق بمعنى الاستقرار الذي بين المبتدأ والخبر. و (أمَّا) حرف تفصيل وشرط لأنها في معنى: مَهما يكن شيء. والطغيان تقدم معناه آنفاً. والمراد هنا: طغى على أمر الله، كما دل عليه قوله: {وأما من خاف مقام ربه}. وقُدّم ذكر الطغيان على إيثار الحياة الدنيا لأن الطغيان من أكبر أسباب إيثار الحياة الدنيا فلما كان مسبباً عنه ذكر عقبه مراعاة للترتب الطبيعي...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
(فأمّا مَن طغى وآثر الحياة الدنيا فإنّ الجحيم هي المأوى). والآية الأولى تشير إلى فساد عقائد الطغاة، لأنّ الطغيان ينشأ من الغرور، والغرور من نتائج عدم معرفة الباري جّل شأنه. وبمعرفة عظمة وجلال اللّه يتصاغر الإنسان ويتصاغر حتى يكاد لا يرى لنفسه أثراً، وعندها سوف لن تزل قدمه عن جادة العبودية الحقة، ما دام سلوكه يصب في رافد معرفة اللّه. والآية الثانية تشير إلى فسادهم العملي، لأنّ الطغيان يوقع الإنسان في شراك اللذائذ الوقتية الفانية ذروة الطموح ومنتهى الأمل، فينساق واهماً لأنّ يجعلها فوق كلّ شيء! والأمران في واقعهما كالعلة والمعلول، فالطغيان وفساد العقيدة مفتاح فساد العمل وحبّ الدنيا المفرط، ولا يجران إلاّ إلى سوء عقبى الدار، نار جهنّم خالدين فيها أبداً...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.