تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ} (43)

ثم قال تعالى :

{ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ }

لما ذكر يوم القيامة وأنه يفصل بين عباده فيه ذكر افتراقهم إلى فريقين : فريق في الجنة ، وفريق في السعير وهم : الآثمون بعمل الكفر والمعاصي وأن طعامهم { شَجَرَةَ الزَّقُّومِ } شر الأشجار وأفظعها

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ} (43)

وبعد تقرير هذا المبدأ يعرض عليهم مشهداً من مشاهد يوم الفصل ؛ وما ينتهي إليه العصاة والطائعون من عذاب ومن نعيم . مشهداً عنيفاً يتناسق مع ظلال السورة وجوها العنيف :

( إن شجرة الزقوم طعام الأثيم ، كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم . خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم . ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم . ذق إنك أنت العزيز الكريم . إن هذا ما كنتم به تمترون . )

( إن المتقين في مقام أمين . في جنات وعيون . يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين . كذلك وزوجناهم بحور عين . يدعون فيها بكل فاكهة آمنين . لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم . فضلاً من ربك . ذلك هو الفوز العظيم ) . .

ويبدأ المشهد بعرض لشجرة الزقوم ،

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ} (43)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ شَجَرَةَ الزّقّومِ * طَعَامُ الأثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ } .

يقول تعالى ذكره : إنّ شَجَرَةَ الزّقّومِ التي أخبر أنها تَنْبُت في أصل الجحيم ، التي جعلها طعاما لأهل الجحيم ، ثمرها في الجحيم طعام الاثم في الدنيا بربه ، والأثيم : ذو الإثم ، والإثم من أثم يأثم فهو أثيم . وعنى به في هذا الموضع : الذي إثمه الكفر بربه دون غيره من الاثام . وقد حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام بن الحارث ، أن أبا الدرداء كان يُقرىء رجلاً إنّ شَجَرَةَ الزّقّومِ طَعامُ الأثِيمِ فقال : طعام اليتيم ، فقال أبو الدرداء : قل إن شجرة الزقوم طعام الفاجر .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : «لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الدنيا ، لأفسدت على الناس معايشهم » .

حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام ، قال : كان أبو الدرداء يُقرىء رجلاً إنّ شَجَرَةَ الزّقّومِ طَعامُ الأثِيمِ قال : فجعل الرجل يقول : إن شجرة الزقوم طعام اليتيم قال : فلما أكثر عليه أبو الدرداء ، فرآه لا يفهم ، قال : إن شجرة الزقوم طعام الفاجر .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : إنّ شَجَرَةَ الزّقّومِ طَعامُ الأثِيمِ قال : أبو جهل .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ} (43)

{ إن شجرت الزقوم } وقرئ بكسر الشين ومعنى { الزقوم } سبق في " الصافات " .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ} (43)

وقوله تعالى : { إن شجرة الزقوم طعام الأثيم } روي عن ابن زيد { الأثيم } المشار إليه : أبو جهل ، ثم هي بالمعنى تتناول كل أثيم ، وهو كل فاجر يكتسب الإثم ، وروي عن ابن زيد أن أبا الدرداء أقرأ أعرابياً فكان يقول : «طعام اليتيم » ، فرد عليه أبو الدرداء مراراً فلم يلقن ، فقال له : قل «طعام الفاجر » ، فقرئت كذلك ، وإنما هي على التفسير . و : { شجرة الزقوم } هي الشجرة الملعونة في القرآن ، وهي تنبت في أصل الجحيم ، وهي التي طلعها كأنه رؤوس الشياطين .

وروي أن أبا جهل لما نزلت هذه الآية فيه ، وأشار الناس بها إليه ، جمع عجوة بزبد ودعا إليها ناساً وقال لهم : «تزقموا ، فإن الزقوم هو عجوة يثرب بالزبد ، وهو طعامي الذي حدّث به محمد » ، وإنما قصد بذلك ضرباً من المغالطة والتلبيس على الجهلة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ} (43)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

الزقوم، يعنون التمر والزبد، زعم ذلك عبد الله بن الزبعرى السهمي، وذلك أن أبا جهل قال لهم: إن محمدا يزعم أن النار تنبت الشجر، وإنما النار تأكل الشجر، فما الزقوم عندكم؟ فقال عبد الله بن الزبعرى: التمر والزبد، فقال أبو جهل بن هشام: يا جارية، ابغنا تمرا وزبدا، فقال: تزقموا...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره:"إنّ شَجَرَةَ الزّقّومِ" التي أخبر أنها تَنْبُت في أصل الجحيم، التي جعلها طعاما لأهل الجحيم، ثمرها في الجحيم طعام الأثيم في الدنيا بربه، والأثيم: ذو الإثم، والإثم من أثم يأثم فهو أثيم. وعنى به في هذا الموضع: الذي إثمه الكفر بربه دون غيره من الآثام.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُومِ} قد ذكرنا ما في الزقوم من الأَقاويل وهو في اللغة ما أُكِلَ بكرْه شديد. ولهذا يقال قد تزقم هذا الطعام تزقماً أي هو في حكم من أكله بكره شديد لحشو فمه وشدة شره.

مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي 710 هـ :

هي على صورة شجرة الدنيا لكنها في النار، والزقوم ثمرها وهو كل طعام ثقيل...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان السياق للانتقام، أخبر عن حال الفجار على سبيل الاستئناف، فقال مؤكداً لما يكذبون به: {إن شجرة الزقوم} التي تقدم من وصفها ما يقطع القلوب من أنها تخرج من أصل الجحيم، وأن طلعها كأنه رؤوس الشياطين، وغيره مما لا يعلمه حق علمه إلا الله تعالى والذي تعرفونه من ذلك في الدنيا أنها شجرة صغيرة الورق ذفرة أي شديد النتن -مرة، من الزقم، أي اللقم الشديد والشوب المفرط، وقال عبد الحق في كتابه الواعي: الزقوم شجرة غبراء صغيرة الورق لا شوك لها، ذفرة لها كعابر في سوقها أي عقد كالأنابيب، ولها ورد تجرسه النحل، ورأس ورقها قبيح جداً، وهي مرعى، ومنابتها السهل، قال ابن برجان: وهي في النار في مقابلة شجرة طوبى في الجنة، يضطرون إلى أكلها وإلى شرب الغسلين كما يضطر أهل الدنيا لإدخال الطعام والشراب.

فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني 1250 هـ :

شجرة الزّقوم هي الشجرة التي خلقها الله في جهنم، وسماها الشجرة الملعونة، فإذا جاع أهل النار التجأوا إليها، فأكلوا منها...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

لما ذكر الله فريقاً مرحومين على وجه الإجمال قابله هنا بفريق معذَّبين وهم المشركون، ووصف بعض أصناف عذابهم وهو مأكلهم وإهانتهم وتحريقهم، فكان مقتضى الظاهر أن يبتدأ الكلام بالإخبار عنهم بأنهم يأكلون شجرة الزقوم كما قال في سورة الواقعة (51، 52) {ثم إنكم أيها الضالّون المكذّبون لآكلون من شجرٍ من زقومٍ} الآية، فعُدل عن ذلك إلى الإخبار عن شجرة الزقوم بأنها طعام الأثيم اهتماماً بالإعلام بحال هذه الشجرة. وقد جُعلت شجرة الزقوم شيئاً معلوماً للسامعين فأخبر عنها بطريق تعريف الإضافة لأنها سبق ذكرها في سورة الواقعة التي نزلت قبل سورة الدخان فإن الواقعة عدت السادسة والأربعين في عداد نزول السور وسورة الدخان ثالثة وستين ومعنى كون الشجرة طعاماً أن ثمرها طعام، كما قال تعالى: {طَلعُها كأنه رؤوس الشياطين فإنَّهم لآكلون منها} [الصافات: 65، 66].

وكتبت كلمة {شجرت} في المصاحف بتاء مفتوحة مراعاة لحالة الوصل وكان الشائع في رسم أواخر الكلم أن تراعى فيه حالة الوقف، فهذا مما جاء على خلاف الأصل.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

{إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ} * {طَعَامُ الأَثِيمِ} * {كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ} * {كَغَلْيِ الْحَمِيمِ}

الحق سبحانه وتعالى هنا يعطينا صورةً لطعام أهل النار والعياذ بالله، وفي موضع آخر يعطينا صورة لشرابهم، لأن الطعام والشراب هنا قِوَام الحياة، فطعامهم الزقوم، وهو شجرة صغيرة مُنتنة الرائحة، وطعمها مُرٌّ.

أما شكلها، فقال عنه سبحانه في آية أخرى: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصافات: 65] وهو تشبيه يؤدِّي المراد منه بدقة، فالمراد إظهار بشاعتها وقُبح منظرها.

لذلك وجدنا بعض المستشرقين يعترضون على هذا التشبيه يقولون: كيف يُشبِّه مجهولاً بمجهول لأن أحداً لم ير رؤوس الشياطين، والأصل في التشبيه أنْ تُشبه مجهولاً بمعلوم ليتم الإيضاح.

يقولون هذا لأنهم لا يعرفون شيئاً عن إعجاز القرآن وطريقة أدائه للمعنى، فلو أننا أجرينا مسابقة بين رسامي الكاريكاتير في العالم وقلنا لهم: ارسموا لنا صورة الشيطان، فكلُّ واحد سيرسمها من تخيُّله للقُبْح في نظره هو.

وهكذا سيكون عندنا صور متعددة، كلها قبيح مع أنها مختلفة، لأن القُبْح له ألوان مختلفة، والشيء البشع عند البعض قد لا يكون كذلك عند آخرين، مثل مقاييس الجمال نجدها نسبية بين الناس، فمثلاً البعض يرى الجمال في الشفاه الرقيقة، وآخر يراه في الشِّفاه الغليظة.

وهكذا تختلف مقاييس القُبْح في الذِّهْن الإنساني، والصورة التي تُفزع شخصاً قد لا تفزع الآخر، فأراد الحق سبحانه بهذه الصورة أنْ يشيع قبحها وبشاعتها، وأنْ يُقبِّحها قُبْحاً عاماً يستوعب كل نواحي القبح والبشاعة عند مختلف الناس.

إذن: الإبهام هنا أفضل، لأنه يجعلك تذهب في تصوُّر القبح كلَّ مذهب، لذلك نستطيع أن نقول: إن الإبهام هنا هو غاية الإيضاح وعَيْن البيان.

إذن: هي شجرة كريهة في شكلها وفي طعمها وفي رائحتها، ثم يزيد على ذلك فيُشبِّه طعمها بأنه {كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ} [الدخان: 45] المُهْل هو: المعدن المذاب الذي بلغ الغايةَ في الحرارة، أو هو الزيت المغلي...

ومعنى {يَغْلِي فِي الْبُطُونِ} [الدخان: 45] أن درجة حرارته -والعياذ بالله- لا تنخفض بشُرْبه، فنحن مثلاً حين نشرب الشاي ساخناً نشعر بلسْعة الحرارة في الفم أثناء تناوله، لكن حين ينزل إلى المعدة تنخفض هذه الدرجة.

أما الزَّقوم والعياذ بالله فيظلُّ يغلي حتى في بطونهم {كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} [الدخان: 46].

مثل غليان الماء الذي بلغ أقصى درجة، وتناهتْ حرارته.