تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ أَنَّىٰ يُصۡرَفُونَ} (69)

{ 69 - 76 } { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ }

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ } الواضحة البينة متعجبًا من حالهم الشنيعة . { أَنَّى يُصْرَفُونَ } أي : كيف ينعدلون عنها ؟ وإلى أي شيء يذهبون بعد البيان التام ؟ هل يجدون آيات بينات تعارض آيات الله ؟ لا والله . أم يجدون شبهًا توافق أهواءهم ، ويصولون بها لأجل باطلهم ؟ فبئس ما استبدلوا واختاروا لأنفسهم ، بتكذيبهم بالكتاب ، الذي جاءهم من الله ، وبما أرسل الله به رسله ، الذين هم خير الخلق وأصدقهم ، وأعظمهم عقولاً .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ أَنَّىٰ يُصۡرَفُونَ} (69)

ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك - ما يسلى النبى صلى الله عليه وسلم عما أصابه من المشركين ، بأن بين له سوء عاقبيتهم يوم القيامة ، وبأن أمره بالبصر على كيدهم ، وبشره بأن العاقبة ستكون له ولأتباعه . . فقال - تعالى - :

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين يُجَادِلُونَ . . . } .

الاستفهام فى قوله - تعالى - : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين يُجَادِلُونَ في آيَاتِ الله . . . } للتعجيب من أحوال هؤلاء المشركين . حيث أنكروا الحق الواضح وانساقوا وراء الأوهام والأباطيل .

والمعنى : انظر - أيها الرسول الكريم - إلى أحوال المشركين ، وتعجب من سلوكهم الذميم ، حيث جادلوا فى الآيات الدالة على وحدانية الله وقدرته بدون علم أو حجة .

وقوله : { أنى يُصْرَفُونَ } أى : انظر كيف يصرفون عن آيات الله الموجبة للإِيمان بها . إلى الجحود والتكذيب والجدال بالباطل فيها ؟

لقد كان من المنتظر منهم أن يهتدوا إلى الحق بعد أن وصل إليهم . . ولكنهم عموا وصموا عنه . لانطماس بصائرهم ، واستحواذ الشيطان عليهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ أَنَّىٰ يُصۡرَفُونَ} (69)

وقوله تعالى : { ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون } ظاهر الآية أنها في الكفار المجادلين في رسالة محمد والكتاب الذي جاء به بدليل قوله : { الذين كذبوا بالكتاب } . وهذا قول ابن زيد والجمهور من المفسرين . وقال محمد بن سيرين وغيره ، قوله تعالى : { ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون } هي إشارة إلى أهل الأهواء من الأمة ، وروت هذه الفرقة في نحو هذا حديثاً{[10023]} وقالوا هي في أهل القدر ومن جرى مجراهم ، ويلزم قائلي هذه المقالة أن يجعلوا قوله تعالى : { الذين كذبوا } كلاماً مقطوعاً مستأنفاً في الكفار . { الذين } ابتداء وخبره : { فسوف يعلمون } ، ويحتمل أن يكون خبر الابتداء محذوفاً والفاء متعلقة به .


[10023]:ذكره المهدوي، عن عقبة بن عامر أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نزلت هذه الآية في القدرية).
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ أَنَّىٰ يُصۡرَفُونَ} (69)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله} يعني آيات الله القرآن أنه ليس من الله عز وجل.

{أنى يصرفون}: من أين يعدلون عنه إلى غيره.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"ألَمْ تَرَ إلى الّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللّهِ أنّى يُصْرَفُونَ" يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تر يا محمد هؤلاء المشركين من قومك، الذين يخاصمونك في حجج الله وآياته "أنّى يُصْرَفُونَ "يقول: أيّ وجه يصرفون عن الحق، ويعدلون عن الرشد.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ألم تر} هو حقيقة الرؤية والنظر، ويحتمل: {ألم تر} ألم تعلم؛ معناه: ألم تعلم سفه الذين يجادلون في آيات الله أو جهل {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ} أي في دفع آيات الله بغير سلطان أتاهم. فعلى ذلك هذا.

{أَنَّى يُصْرَفُونَ} أي أيّ حجة تصرفهم؟ أي صرفتم عن آيات الله، أو من أين يصرفون؟ ويعرضون عن آيات الله بعد ما تقرّر عندهم أنها آيات الله؟.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما علم من هذا أنه لا كلفة عليه في شيء من الأشياء بهذه الأمور المشاهدة في أنفسهم وفي الآفاق أنتج التعجب من حالهم لمن له الفهم الثاقب والبصيرة الوقادة، وجعل ذلك آياته الباهرة وقدرته القاهرة الظاهرة، فلذلك قال لافتاً الخطاب إلى أعلى الخلق لأن ذم الجدال بالباطل من أجل مقصود هذه السورة: {ألم تر} أي يا أنور الناس قلباً وأصفاهم لباً، وبين بعدهم بأداة النهاية فقال: {إلى الذين يجادلون} أي بالباطل، ونبه على ما في هذه الآيات من عظمته التي لا نهاية لها بإعادة الاسم الجامع فقال: {في آيات الله} أي الملك الأعظم {أنَّى} أي وكيف ومن أي وجه.

{يُصرفون} عن الآيات الحقة الواضحة التي سبقت بالفطرة الأولى إلى جذور قلوبهم، فلا حجة يوردون ولا عذاب عن أنفسهم يردون، لأنه سبحانه استاقهم -كما قال ابن برجان- بسلاسل قهره المصوغة من خالص عزماتهم وعزائم إرادتهم من حقيقة ذواتهم إلى خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

بنيت هذه السورة على إبطال جدل الذين يجادلون في آيات الله جدال التكذيب والتورّك كما تقدم في أول السورة إذ كان من أولها قوله: {ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا} وتكرر ذلك خمس مرات فيها، فنبه على إبطال جدالهم في مناسبات الإِبطال كلها؛ إذ ابتدئ بإبطاله على الإِجمال عقب الآيات الثلاث من أولها بقوله: {ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا} [غافر: 4] ثم بإبطاله بقوله {الذين يجادلون في ءايات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتاً عند الله} [غافر: 35]، ثم بقوله: {إنَّ الذين يُجادلُون في ءايات الله بِغَير سُلطانٍ أتاهم إن في صُدُورهم إلاَّ كِبْرٌ} [غافر: 56] ثم بقوله: {ألَمْ تَرَ إلى الَّذِين يجادلون في آياتِ الله أنَّى يُصْرَفُون}. وذلك كله إيماء إلى أن الباعث لهم على المجادلة في آيات الله هو ما اشتمل عليه القرآن من إبطال الشرك؛ فلذلك أعقب كل طريقة من طرائق إبطال شركهم بالإِنحاء على جدالهم في آيات الله، فجملة {ألَمْ تَرَ إلى الَّذِين يجادلون في آياتِ الله} مستأنفة للتعجيب من حال انصرافهم عن التصديق بعد تلك الدلائل البيّنة. والاستفهام مستعمل في التقرير وهو منفي لفظاً، والمراد به: التقرير على الإِثبات، كما تَقدم غير مرة، منها عند قوله: {قال أو لم تؤمن} في سورة [البقرة: 260]...