فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ أَنَّىٰ يُصۡرَفُونَ} (69)

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ } تعجيب من أحوالهم الشنيعة وآرائهم الركيكة ، وتمهيد لما يعقبه من بيان تكذيبهم بكل القرآن ، وبسائر الكتب والشرائع ، وترتيب الوعيد على ذلك ، كما أن ما سبق من قوله تعالى { إن الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ } الخ بيان لابتناء جدالهم على مبنى فاسد لا يكاد يدخل تحت الوجود هو الأمنية الفارغة ، فلا تكرار فيه أي انظر إلى هؤلاء المكابرين المجادلين في آياته تعالى الواضحة ، الموجبة للإيمان بها الزاجرة عن الجدال فيها كيف يصرفون عنها مع تعاضد الدواعي إلى الإقبال عليها ؟ وانتفاء الصوارف عنها بالكلية ، وقيام الأدلة الدالة على صحتها ، وأنها في أنفسها موجبة للتوحيد قاله أبو السعود .

وقال النسفي ذكر الجدال في هذه السورة في ثلاثة مواضع ، فجاز أن يكون في ثلاث أقوام ، أو ثلاث أصناف ، وللتأكيد انتهى . قال ابن زيد هم المشركون بدليل قوله الآتي { الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا } قال القرطبي ، وقال أكثر المفسرين نزلت في القدرية ، قال ابن سيرين إن لم تكن هذه الآية نزلت في القدرية فلا أدري فيمن نزلت ، ويجاب عن هذا بأن الله سبحانه قد وصف هؤلاء بصفة تدل على غير ما قالوه فقال :{ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ }