تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَشِّرِ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ بِأَنَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمًا} (138)

{ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ْ }

البشارة تستعمل في الخير ، وتستعمل في الشر بقيد كما في هذه الآية . يقول تعالى : { بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ ْ } أي : الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر ، بأقبح بشارة وأسوئها ، وهو العذاب الأليم ، وذلك بسبب محبتهم الكفار وموالاتهم ونصرتهم ، وتركهم لموالاة المؤمنين ، فأي شيء حملهم على ذلك ؟ أيبتغون عندهم العزة ؟

وهذا هو الواقع من أحوال المنافقين ، ساء ظنهم بالله وضعف يقينهم بنصر الله لعباده المؤمنين ، ولحظوا بعض الأسباب التي عند الكافرين ، وقصر نظرهم عمّا وراء ذلك ، فاتخذوا الكافرين أولياء يتعززون بهم ويستنصرون .

والحال أن العزة لله جميعا ، فإن نواصي العباد بيده ، ومشيئته نافذة فيهم . وقد تكفل بنصر دينه وعباده المؤمنين ، ولو تخلل ذلك بعض الامتحان لعباده المؤمنين ، وإدالة العدو عليهم إدالة غير مستمرة ، فإن العاقبة والاستقرار للمؤمنين ، وفي هذه الآية الترهيب العظيم من موالاة الكافرين ؛ وترك موالاة المؤمنين ، وأن ذلك من صفات المنافقين ، وأن الإيمان يقتضي محبة المؤمنين وموالاتهم ، وبغض الكافرين وعداوتهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{بَشِّرِ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ بِأَنَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمًا} (138)

ثم تبدأ السورة الكريمة حملتها على المنافقين فتقول : { بَشِّرِ المنافقين بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } والتعبير بقوله : بشر بدل أنذر أو أخبر للتهكم بهم ، لأن البشارة لا تكون غالبا إلا فى الأخبار السارة ، لأن الإخبار السار يظهر سرورا فى البشرة . فاستعملت البشارة فى مطلق الإِخبار أو فى الإِنذار على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية .

قال الرغب : ويقال : أبشرت الرجل وبشرته أى : أخبرته بأمر سرا بسط بشرة وجهه وذلك أن النفس إذا سرت انتشر الدم فيها انتشار الماء فى الشجر .

وقوله : { المنافقين } من النفاق وهو أن يظهر الشخص خلاف ما يبطن .

قالوا : وسمى المنافق منافقا أخذاً من نافقاء اليربوع - وهو حجره فإنه يجعل له بابين يدخل من أحدهما ويخرج من الآخر ؛ فكذلك المنافق يدخل مع المؤمنين بقوله : أنا مؤمن . ويدخل مع الكفار بقوله : أنا كافر .

والمعنى : أنذر يا محمد أولئك المنافقين الذين أظهروا الإِسلام وأخفوا الكفر بالعذاب الأليم ، وسق لهم هذا الإِنذار بلفظ التبشير على سبيل التهكم بهم ، والاستهزاء بعقولهم ، فى مقابل تهكمهم بالإِسلام وأهله وخداعهم للمؤمنين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{بَشِّرِ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ بِأَنَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمًا} (138)

ثم قال : { بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } يعنى : أن المنافقين من هذه الصفة فإنهم آمنوا ثم كفروا ، فطبع على قلوبهم ، ثم وصفهم بأنهم يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، بمعنى أنهم معهم في الحقيقة ، يوالونهم ويسرون إليهم بالمودة ، ويقولون لهم إذا خلوا بهم : إنما نحن معكم ، إنما نحن مستهزئون . أي بالمؤمنين في إظهارنا لهم الموافقة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{بَشِّرِ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ بِأَنَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمًا} (138)

القول في تأويل قوله تعالى : { بَشّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } . .

يعني بذلك جلّ ثناؤه : { وَبَشّرِ المُنافِقِينَ } : أخبر المنافقين ، وقد بينا معنى التبشير فيما مضى بما أغني عن إعادته . { بأنّ لَهُمْ عَذَابا أليما } يعني : بأن لهم يوم القيامة من الله على نفاقهم ، عذابا أليما ، وهو الموجع ، وذلك عذاب جهنم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{بَشِّرِ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ بِأَنَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمًا} (138)

{ بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما } يدل على أن الآية في المنافقين وهم قد آمنوا في الظاهر وكفروا في السر مرة بعد أخرى ثم ازدادوا بالإصرار على النفاق وإفساد الأمر على المؤمنين ، ووضع { بشر } مكان أنذر تهكم بهم .