تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَّا لَهُۥ مِن دَافِعٖ} (8)

{ مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ } يدفعه ، ولا مانع يمنعه ، لأن قدرة الله تعالى لا يغالبها مغالب ، ولا يفوتها هارب

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَّا لَهُۥ مِن دَافِعٖ} (8)

وقوله : { مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ } خبر ثان لإن فى قوله : { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ } أى : هو واقع دون أن يستطيع أحد أن يدفعه أو يرده .

عن جبير بن مطعم - رضى الله عنه - قال : قدمت المدينة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأكلمه فى أسارة بدر ، فجئت إليه وهو يصلى بأصحابه صلاة المغرب ، فسمعته يقرأ { والطور } ألى { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ } فكأنما صدع قلبى ، فأسلمت خوفا من نزول العذاب وما كنت أظن أن أقوم مقامى . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَّا لَهُۥ مِن دَافِعٖ} (8)

لا يملك دفعه أحد أبدا . وإيقاع الآيتين والفاصلتين حاسم قاطع . يلقي في الحس أنه أمر داهم قاصم ، ليس منه واق ولا عاصم . وحين يصل هذا الإيقاع إلى الحس البشري بلا عائق فإنه يهزه ويضعضعه ويفعل به الأفاعيل . . قال الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا أبي حدثنا موسى بن داود ، عن صالح المري ، عن جعفر بن زيد العبدي قال : خرج عمر يعس بالمدينة ذات ليلة ، فمر بدار رجل من المسلمين ، فوافقه قائما يصلي ، فوقف يستمع قراءته فقرأ : ( والطور ) . . حتى بلغ : ( إن عذاب ربك لواقع ، ما له من دافع ) . . قال : قسم ورب الكعبة حق . فنزل عن حماره . واستند إلى حائط ، فمكث مليا ، ثم رجع إلى منزله ، فمكث شهرا يعوده الناس لا يدرون ما مرضه . رضي الله عنه .

وعمر - رضي الله عنه - سمع السورة قبل ذلك ، وقرأها ، وصلى بها ، فقد كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يصلي بها المغرب . وعمر يعلم . ويتأسى . ولكنها في تلك الليلة صادفت منه قلبا مكشوفا ، وحسا مفتوحا ، فنفذت إليه وفعلت به هذا الذي فعلت . حين وصلت إليه بثقلها وعنفها وحقيقتها اللدنية المباشرة ؛ التي تصل إلى القلوب في لحظات خاصة ، فتتخللها وتتعمقها ، في لمسة مباشرة كهذه اللمسة ، تلقى فيها القلب الآية من مصدرها الأول كما تلقاها قلب رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فأطاقها لأنه تهيأ لتلقيها . فأما غيره فيقع لهم شيء مما وقع لعمر - رضي الله عنه - حين تنفذ إليهم بقوة حقيقتها الأولى . .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَّا لَهُۥ مِن دَافِعٖ} (8)

وأتبع قوله : { لواقع } بقوله : { ما له من دافع } ، وهو خبر ثان عن { عذاب } أو حال منه ، أي : ما للعذاب دافع يدفعه عنهم .

والدفع : إبعاد الشيء عن شيء باليد وأطلق هنا على الوقاية مجازاً بعلاقة الإِطلاق ألا يقيهم من عذاب الله أحد بشفاعة أو معارضة .

وزيدت { من } في النفي لتحقيق عموم النفي وشموله ، أي نفي جنس الدافع .

روى أحمد بن حنبل عن جبير بن مطعم قال : « قدمت المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأُكلمه في أُسارى بدر فدُفعت إليه وهو يصلِّي بأصحابه صلاة المغرب فسمعته يقرأ { والطور } إلى { إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع } فكأنما صُدع قلبي » ، وفي رواية « فأسلمت خوفاً من نزول العذاب وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع بي العذاب » .