تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ} (42)

ثم ذكر وصف أوليائه فقال : { الَّذِينَ صَبَرُوا ْ } على أوامر الله وعن نواهيه ، وعلى أقدار الله المؤلمة ، وعلى الأذية فيه والمحن { وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ْ } أي : يعتمدون عليه في تنفيذ محابّه ، لا على أنفسهم . وبذلك تنجح أمورهم وتستقيم أحوالهم ، فإن الصبر والتوكل ملاك الأمور كلها ، فما فات أحدا شيء من الخير إلا لعدم صبره وبذل جهده فيما أريد منه ، أو لعدم توكله واعتماده على الله .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ} (42)

ثم وصف - سبحانه - هؤلاء المهاجرين بوصفين كريمين فقال : { الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } أى : هذا الأجر العظيم لهؤلاء المهاجرين الذين صبروا على ما أصابهم من عدوان وظلم ، وفوضوا أمرهم إلى خالقهم ، فاعتمدوا عليه وحده ، ولم يعتمدوا على أحد سواه .

وصفتا الصبر والتوكل على الله . إذا دخلا فى قلب ، حملاه على اعتناق كل فضيلة ، واجتناب كل رذيلة .

وعبر عن صفة الصبر بصيغة الماضى للدلالة على أن صبرهم قد آذن بالانتهاء لانقضاء أسبابه وهو ظلم أعدائهم لهم ، لأن الله - تعالى - قد جعل لهم مخرجا بالهجرة ، وذلك بشارة لهم .

وعبر عن صفة التوكل بصيغة المضارع للإِشارة إلى أن هذه الصفة ديدنهم فى كل وقت ، فهم متوكلون عليه - سبحانه - وحده فى السراء والضراء ، وفى العسر واليسر ، وفى المنشط والمكره .

والمتأمل فى هاتين الآيتين الكريمتين ، يراهما قد غرستا فى النفوس محبة هذا الدين ، والاستهانة بكل ألم أو ضر أو مصيبة فى سبيل إعلاء كلمته ، والرغبة فيما عند الله - تعالى - من أجر وثواب .

ثم رد - سبحانه - على المشركين الذين أنكروا أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم من البشر ، فبين - سبحانه - أن الرسل السابقين الذين لا ينكر المشركون نبوتهم كانوا من البشر ، فقال - تعالى - : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ . . . } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ} (42)

22

هؤلاء ( الذين صبروا ) واحتملوا ما احتملوا ( وعلى ربهم يتوكلون ) لا يشركون به أحدا في الاعتماد والتوجه والتكلان .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ} (42)

ثم وصفهم تعالى فقال : { الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } أي : صبروا على أقل{[16463]} من آذاهم من قومهم ، متوكلين على الله الذي أحسن لهم العاقبة في الدنيا والآخرة .


[16463]:في ت، ف، أ: "أذى".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ} (42)

{ الذين صبروا } صفة « للذين هاجروا » . والصبر : تحمّل المشاقّ . والتّوكّل : الاعتماد .

وتقدم الصبر عند قوله تعالى : { واستعينوا بالصبر والصلاة } أوائل سورة البقرة ( 45 ) . والتوكل عند قوله تعالى : { فإذا عزمت فتوكل على الله } في سورة آل عمران ( 159 ) .

والتعبير في جانب الصبر بالمضي وفي جانب التوكّل بالمضارع إيماء إلى أن صبرهم قد آذن بالانقضاء لانقضاء أسبابه ، وأن الله قد جعل لهم فرجاً بالهجرة الواقعة والهجرة المترقّبة . فهذا بشارة لهم .

وأنّ التوكّل ديدنهم لأنهم يستقبلون أعمالاً جليلة تتمّ لهم بالتوكّل على الله في أمورهم فهم يكرّرونه . وفي هذا بشارة بضمان النجاح .

وفي معنى هذه الآية قوله تعالى : { للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } [ سورة الزمر : 10 ] .

وتقديم المجرور في قوله تعالى : { وعلى ربهم يتوكلون } للقصر ، أي لا يتوكّلون إلاّ على ربّهم دون التوكّل على سادة المشركين وولائهم .