والمراد بالمؤتفكات قوم لوط - عليه السلام - ، وسموا بذلك لأن قريتهم ائتفكت بأهلها ، أى : انقلبت راسا على عقب . يقال : أفَكَه عن كذا يَأْفِكُه إذا قلبه وصرفه . ومنه الإفك ، لأنه قلب للحق عن وجهه الصحيح .
أى : وأهلك - سبحانه - القرى المؤتفكة بأهلها ، بأن أهوى بها جبريل - عليه السلام - إلى الأرض بعد أن رفعها إلى السماء
وبهذا تنتهي تلك الجولة المديدة في الأنفس والآفاق ، لتبدأ بعدها جولة في مصارع الغابرين ، بعدما جاءتهم النذر فكذبوا بها كما يكذب المشركون . وهي جولة مع قدرة الله ومشيئته وآثارها في الأمم قبلهم واحدة واحدة .
( وأنه أهلك عادا الأولى . وثمود فما أبقى . وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى . والمؤتفكة أهوى . فغشاها ما غشى . فبأي آلاء ربك تتمارى ? )
إنها جولة سريعة . تتألف من وقفة قصيرة على مصرع كل أمة ، ولمسة عنيفة تخز الشعور وخزا .
وعاد وثمود وقوم نوح يعرفهم قارئ القرآن في مواضع شتى ! والمؤتفكة هي أمة لوط . من الإفك والبهتان والضلال . . وقد أهواها في الهاوية وخسف بها
والمؤتفكة صفة لموصوف محذوف يدل عليه اشتقاق الوصف كما سيأتي ، والتقدير : القرى المؤتفكة ، وهي قرى قوم لوط الأربعُ وهي ( سَدوم ) و ( عُمورة ) و( آدمة ) و ( صبوييم ) . ووصفت في سورة براءة ( 70 ) بالمؤتفِكات لأن وصف جمع المؤنث يجوز أن يجمع وأن يكون بصيغة المفرد المؤنث . وقد صار هذا الوصف غالباً عليها بالغلبة .
وذكرت القرى باعتبار ما فيها من السكان تفنناً ومراعاة للفواصل .
ويجوز أن تكون المؤتفكة هنا وصفاً للأمة ، أي لأمة لوط ليكون نظيراً لذكر عاد وثمود وقوم نوح كما في قوله تعالى : { وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة } في سورة الحاقة ( 9 ) . والائتفاك : الانقلاب ، يقال : أفكها فاتفكت . والمعنى : التي خسف بها فجعل عاليها سافلها ، وقد تقدم ذكرها في سورة براءة .
وانتصب المؤتفكة } مفعول { أهوى } أي أسقط أي جعلها هاوية .
والإِهواء : الإِسقاط ، يقال : أهواه فهوَى ، ومعنى ذلك : أنه رفعها في الجو ثم سقطت أو أسقطها في باطن الأرض وذلك من أثر زلازل وانفجارات أرضية بركانية .
ولكون { المؤتفة } عَلَما انتفى أن يكون بين { المؤتفكة } و { أهوى } تكرير . وتقديم المفعول للاهتمام بعبرة انقلابها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.