( وإلى الجبال كيف نصبت ? ) . . والجبال عند العربي - بصفة خاصة - ملجأ وملاذ ، وأنيس وصاحب ، ومشهدها يوحي إلى النفس الإنسانية - بصفة عامة - جلالا واستهوالا . حيث يتضاءل الإنسان إلى جوارها ويستكين ، ويخشع للجلال السامق الرزين . والنفس في أحضان الجبل تتجه بطبيعتها إلى الله ؛ وتشعر أنها إليه أقرب ، وتبعد عن واغش الأرض وضجيجها وحقاراتها الصغيرة . ولم يكن عبثا ولا مصادفة أن يتحنث محمد [ صلى الله عليه وسلم ] في غار حراء في جبل ثور . وأن يتجه إلى الجبل من يريدون النجوة بأرواحهم فترات من الزمان !
والجبال هنا ( كيف نصبت )لأن هذه اللمحة تتفق من الناحية التصويرية مع طبيعة المشهد كما سيجيء .
وقوله : وَإلى الجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ يقول : وإلى الجبال كيف أقيمت منتصبة لا تسقط ، فتنبسط في الأرض ، ولكنها جعلها بقدرته منتصبة جامدة ، لا تبرح مكانها ، ولا تزول عن موضعها . وقد :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَإلى الجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ تصاعد إلى الجبل الصّيخود عامة يومك ، فإذا أفضيت إلى أعلاه ، أفضيت إلى عيون متفجرة ، وثمار متهدلة ثم لم تحرثه الأيدي ولم تعمله ، نعمة من الله ، وبُلغة الأجل .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
على الأرض أوتادا لئلا تزول بأهلها ، ...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وإلى الجبال كيف أقيمت منتصبة لا تسقط ، فتنبسط في الأرض ، ولكنها جعلها بقدرته منتصبة جامدة ، لا تبرح مكانها ، ولا تزول عن موضعها . ...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ وإلى الجبال } أي الشامخة وهي أشد الأرض { كيف نصبت } أي كان نصبها من ناصبها عالية جداً على بقية الأرض بلا موجب فيها لذلك من طبيعة ولا غيرها بل بفعل الفاعل المختار فهي راسخة لا تميل ، فوضعها كذلك على ما فيها من المنافع من المياه الجارية والأشجار المختلفة أعجب من وضع الأكواب والنمارق المزينة ، وبها مع ذلك ثبتت الأرض وحفظت من الميد ، واعتدل أمر الكواكب في تقدير الليل والنهار باعتدال البلاد بالطلق بإعلاء بعضها قبل بعض حتى كانت المطالع والمغارب على ترتيب مطرد ونظام محكم غير منخرم تقدر به الأزمان والفصول والسنون والأيام والشهور - إلى غير ذلك من الأمور ، ولا يكون ذلك لها إلا بقاهر قادر مختار لا شريك له . ...
تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :
ونصب الجبال : إقامتها أعلاما للسائرين ، وملجأ للحائرين . ... وإلى الجبال كيف وضعت وضعا ثابتا لا ميدان فيه ولا اضطراب ، فيتسنى ارتقاؤها في كل حين ، وتجعل أمارة للسالكين في تلك الفيافي والقفار ، وتنزل عليها المياه التي ينتفع بها في سقي النبات وري الحيوان . ...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
والجبال عند العربي - بصفة خاصة - ملجأ وملاذ ، وأنيس وصاحب ، ومشهدها يوحي إلى النفس الإنسانية - بصفة عامة - جلالا واستهوالا . حيث يتضاءل الإنسان إلى جوارها ويستكين ، ويخشع للجلال ...ولم يكن عبثا ولا مصادفة أن يتحنث محمد [ صلى الله عليه وسلم ] في غار حراء في جبل ثور . وأن يتجه إلى الجبل من يريدون النجوة بأرواحهم فترات من الزمان ! والجبال هنا ( كيف نصبت )لأن هذه اللمحة تتفق من الناحية التصويرية مع طبيعة المشهد كما سيجيئ . ...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والنصْب : الرفع أي كيف رُفعت وهي مع ارتفاعها ثابتة راسخة لا تميل .... .
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
{ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ } على الأرض لتمتد قواعدها في الأعماق السحيقة من الأرض ، ولترتفع شامخةً في أعالي الفضاء ، مع هذه الضخامة والصلابة اللتين توحيان بالمهابة والجلال ، لينطلق النظر في دراسة العناصر المكوّنة لها ، والظروف المحيطة بأوضاعها ، والقوانين المتحكمة فيها ، والأسرار المودعة فيها ...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.