تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِنَّا لَنَحۡنُ ٱلصَّآفُّونَ} (165)

160

المفردات :

الصافون : الواقفون في العبادة صفوفا .

التفسير :

165- { وإنا لنحن الصافون } .

أي : تصطف الملائكة للعبادة صفوفا منتظمة ، حيث يتمون الصف الأول ثم الذي يليه ، ثم الذي يليه ، وقد أُمرنا بإتمام صفوف الصلاة ، والانتظام فيها ، والإقتداء في ذلك بالملائكة .

جاء في صحيح مسلم ، عن جابر بن سمرة قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في المسجد ، فقال : " ألا تَصُفون كما تصفُّ الملائكة عند ربها " فقلنا : يا رسول الله ، كيف تَصُفُّ الملائكة عند ربّها ؟ قال : " يتمّون الصفوف الأول ، ويتراصّون في الصّف " {[560]} .

وأخرج مسلم عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فُضّلنا على الأمم بثلاث : جُعلت صفوفنا كصفوف الملائكة ، وجعلت لنا الأرض مسجدا ، وجعلت لنا تربتها طهورا إذ لم نجد الماء ، وليس يصطف أحد من أهل الملل في صلاتهم ، غير المسلمين " {[561]} .

وروى ابن أبي حاتم ، وابن جرير ، قالا : قال أبو نضرة : كان عمر رضي الله عنه إذا أقيمت الصلاة ، استقبل الناس بوجهه ، ثم قال : أقيموا صفوفكم ، استووا قياما ، يريد الله بكم هَدْيَ الملائكة ، ثم يقول : { وإنا لنحن الصافون } . تأخر يا فلان ، تقدم يا فلان ، ثم يتقدم فيكبر {[562]} .


[560]:ألا تصفون كما تصف الملائكة: رواه مسلم في الصلاة (430) وأحمد في مسنده (20456) من حديث جابر بن سمرة قال: خرج علينا رسول الله صلى اله عليه وسلم فقال: " ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس اسكنوا في الصلاة " قال: ثم خرج علينا قرآنا حلقا فقال: " أراكم عزين " قال: ثم خرج علينا فقال: " ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها " فقلنا: يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال:" يتمون الصوف الأول ويتراصون في الصف ".
[561]:فضلنا على الناس بثلاث: رواه مسلم في المساجد (522) من حديث حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء " وذكر خصلة أخرى.
[562]:انظر مختصر تفسير ابن كثير، تحقيق محمد علي الصابوني، وفيه طائفة أخرى من الأحاديث النبوية.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِنَّا لَنَحۡنُ ٱلصَّآفُّونَ} (165)

قوله تعالى : { وإنا لنحن الصافون } قال قتادة : هم الملائكة صفوا أقدامهم . وقال الكلبي : صفوف الملائكة في السماء للعبادة كصفوف الناس في الأرض .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِنَّا لَنَحۡنُ ٱلصَّآفُّونَ} (165)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

صفوف الملائكة في السماوات في الصلاة.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل ملائكته:"وَإنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ" لله لعبادته "وَإنّا لَنَحْنُ المُسَبّحُونَ "له، يعني بذلك المصلون له... حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، قال: أخبرنا الجريري، عن أبي نضرة، قال: كان عمر إذا أُقيمت الصلاة أقبل على الناس بوجهه، فقال: يا أيها الناس استَوُوا، إن الله إنما يريد بكم هَدْيّ الملائكة وَإنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ وَإنّا لَنَحْنُ المُسَبّحُونَ اسْتَوُوا، تقدّم أنت يا فلان، تأخر أنت أي هذا، فإذا استَوُوا تقدّم فكبر.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{لَنَحْنُ الصافون} نصف أقدامنا في الصلاة، أو أجنحتنا في الهواء. منتظرين ما نؤمر.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أن قوله: {وإنا لنحن الصافون} يفيد الحصر ومعناه أنهم هم الصافون في مواقف العبودية لا غيرهم.

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

قال الكلبي: صفوفهم كصفوف أهل الدنيا في الأرض، وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في المسجد فقال: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها) فقلنا يا رسول الله كيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال؟ (يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف)...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما سلب عن الكل كل شيء من القدرة إلا ما وهبهم، وكان الكفار يدعون أنهم يعبدون الله تعالى وينزهونه وأن الإشراك لا يقدح في ذلك، بين أن المخلصين خصوا دونهم بمواقف الصفاء، ومقامات الصدق والوفاء، لأن طاعتهم أبطلها إشراكهم، فقال مؤكداً ومخصصاً: {وإنا} أي يا معشر المخلصين {لنحن} أي دونكم.

{الصافون} أي أنفسنا في الصلاة والجهاد وأجنحتنا في الهواء فيما أرسلنا به وغير ذلك لاجتماع قلوبنا على الطاعة...

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

فكيف نكون بنات الله؟ وكيف نُعبَد من دون الله ونحن مُسخَّرون لعبادته سبحانه ونحن جنود مصفوفون في انتظار أوامره تعالى {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّآفُّونَ} أي: نقف صفوفاً منتظمة، والصف دليل الانتظام وعنوان الالتزام والانضباط؛ لذلك ورد في الحديث:"إن الله لا ينظر إلى الصَّفِّ الأعوج" لماذا؟ لأنكم بين يدي الله سبحانه فأروا الله منكم ما يدل على المساواة والالتزام والترابط.

وفي الحرب كذلك: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ} [الصف: 4]..

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ* وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّآفُّونَ* وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} قيل: إنه من كلام جبريل أو هو وأعوانه من ملائكة الوحي على نحو الجملة الاعتراضية على ما يعطيه السياق نظير قوله تعالى في سورة مريم: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذلِكَ} [مريم: 64].

والآيات الثلاث مسوقة لرد قولهم بألوهية الملائكة بإيراد نفس اعترافهم بما ينتفي به قول الكفار، وهم لا ينفون العبودية عن الملائكة، بل يرون أنهم مربوبون لله سبحانه أرباب وآلهة لمن دونهم يستقلون بالتصرف في ما فوض إليهم من أمر العالم من غير أن يرتبط شيء من هذا التدبير إلى الله سبحانه، وهذا هو الذي ينفيه الملائكة عن أنفسهم، لا كونهم أسباباً متوسطةً بينه تعالى وبين خلقه، كما قال تعالى {بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ* لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء: 26 -27].

وخلاصة الفكرة التي تثيرها الآيات، أن الملائكة يؤكدون بأن لكل واحد منهم دوراً معيناً، ومقاماً معلوماً في ما يفوضه الله إليهم من مهمّاتِ في حركة الكون، وأنهم الذين يقفون أمام الله صفّاً في انتظار أوامره الكونية، وأنهم الذين يرفعون التسبيح إلى مقام قدسه، في عبادتهم الخالصة التي ينزهون فيها الله عن كل ما لا يليق به.

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِنَّا لَنَحۡنُ ٱلصَّآفُّونَ} (165)

ولما سلب عن الكل كل شيء من القدرة إلا ما وهبهم ، وكان الكفار يدعون أنهم يعبدون الله تعالى وينزهونه وأن الإشراك لا يقدح في ذلك ، بين أن المخلصين خصواً دونهم بمواقف الصفاء ، ومقامات الصدق والوفاء ، لأن طاعتهم أبطلها إشراكهم ، فقال مؤكداً ومخصصاً : { وإنا } أي يا معشر المخلصين { لنحن } أي دونكم { الصافون } أي أنفسنا في الصلاة والجهاد وأجنحتنا في الهواء فيما أرسلنا به وغير ذلك لاجتماع قلوبنا على الطاعة