على صلاتهم دائمون : مواظبون عليها ، لا يشغلهم عنها شاغل .
22 ، 23- إلا المصلين* الذين هم على صلاتهم دائمون .
استثنى الله ممن اتصف بالهلع والجزع والمنع فئة المصلّين ، فإن الصلاة تربط المؤمن بالله ، وتجعله يحنّ إلى الوقوف بين يديه وطاعته ، وامتثال أمره واجتناب نواهيه ، فتزيده الصلاة يقينا وهدوء بال ، وانشراح صدر وجميل عطاء .
فهم مستمرون في المحافظة عليها ، لا يتركون صلاة مفروضة ، بل يؤدون جميع الفرائض ، ويحفّونها بالنوافل .
وقيل : معنى : الذين هم على صلاتهم دائمون .
أي : خاشعون في الصلاة ، يتدبّرون معاني ما يقرؤون ، وما يسبّحون ويحمدون ويكبّرون ، فهم في الصلاة جسما وروحا ، مداومون على الخشوع داخل الصلاة ، مداومون على إتمام ركوعها وسجودها وخشوعها ، وذلك بمعنى قوله تعالى : قد أفلح المؤمنون* الذين هم في صلاتهم خاشعون . ( المؤمنون : 1 ، 2 ) .
ومن معاني المداومة على الصلاة الاستمرار في الصلاة وإكمالها ، بإسباغ الوضوء لها وأدائها في أول الوقت ، وصلاة النوافل معها ، والبعد عن المعصية واللغو وكل ما يضادّ الطاعة .
قال تعالى : إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر . . . ( العنكبوت : 45 ) .
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ )ix .
قوله تعالى : " إلا المصلين " دل على أن ما قبله في الكفار ، فالإنسان اسم جنس بدليل الاستثناء الذي يعقبه كقوله تعالى : " إن الإنسان لفي خسر . إلا الذين آمنوا " [ العصر : 3 ] . النخعي : المراد بالمصلين الذي يؤدون الصلاة المكتوبة . ابن مسعود : الذين يصلونها لوقتها ، فأما تركها فكفر . وقيل : هم الصحابة . وقيل : هم المؤمنون عامة ، فإنهم يغلبون فرط الجزع بثقتهم بربهم ويقينهم .
ولما كان التقدير : فهو يسارع في آثار ما جبل عليه ما يترتب{[68364]} على الجزع مما لا يجوز في الشرع ومما يترتب على المنع من ذلك أيضاً فيكون من أهل النار ، وكان من القدرة البالغة أن يحفظ سبحانه من أراد من الخزي مع جبلته ويحمله على كسر نفسه مرة بعد أخرى حتى يتلاشى ما عنده من جبلة الشر وتبقى الروح على حالها{[68365]} عند الفطرة الأولى ، فلا تزال تحثه على المبادرة إلى طاعته سبحانه وتعالى وحفظ حدوده ، فكان لا كرامة أعظم من حفظ المكلف لحدود الشرع مع المنافاة لطبعه ، فيكون جامعاً للإيمان بنصفيه : الصبر والشكر ، لما جمع من هذه الأوصاف الثمان المعادة لأبواب الجنة الثمان ، فكانت أسباباً لها ، استثنى من{[68366]} هذا النوع الهلوع ولذلك جمع فقال : { إلا المصلين * } أي المحافظين على الصلاة التي هي مواطن الافتقار ، العريقين في هذا الوصف ، فإنه لا يشتد هلعهم فلا يشتد جزعهم ولا منعهم ، فيكونوا في أحسن تقويم معتدلين مسارعين فيما يرضي الرب ، لأنه سبحانه قرن بما جبلهم عليه من الهلع من طهارة الجسد لطهارة طينته وزكاء{[68367]} روحه ما هيأه به لتهذيب نفسه مما يسره له من أصدقاء{[68368]} الخير وأولياء المعروف وسماع المواعظ الحسان والإبعاد عن معادن الدنس من البقاع والأقران والكلام والأفعال وغير ذلك من سائر الأحوال ، والملابسة بكل ما يحمل على المعالي من صالح الخلال{[68369]} حتى كانوا من أهل الكمال ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.