تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَۖ وَأَوۡرَثۡنَٰهَا قَوۡمًا ءَاخَرِينَ} (28)

17

المفردات :

كذلك : أي : مثل ذلك الإخراج أخرجناهم .

التفسير :

28- { كذلك وأورثناها قوما آخرين } .

أي : كذلك فعلنا بهم حيث أهلكناهم ، وأورثنا منازلهم وملكهم وديارهم قوما آخرين ، فما مضى عليهم إلا وقت يسير ، بين أن كانوا في نعمة وملك وزروع ، وجنات ومقام كريم ، إلى أن صاروا غرقى وقتلى وهلكى ، يتعرضون لخزي الدنيا وعذاب الآخرة ، ثم صار الملك والنعيم لآخرين ، فسبحان المعز المذل .

{ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } . ( آل عمران : 26 ) .

آراء العلماء فيمن ورث فرعون

( أ ) ذهب بعض المفسرين إلى أن القوم الآخرين الذين ورثوا ملك فرعون وقومه ، هم بنو إسرائيل .

قال ابن كثير :

والمراد بهم بنو إسرائيل ، فقد استولوا -بعد غرق فرعون وقومه- على الممالك القبطية ، والبلاد المصرية ، كما قال تعالى : { وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ( 137 ) } . ( الأعراف : 137 ) .

وكما قال سبحانه : { كذلك وأورثناها بني إسرائيل } . ( الشعراء : 59 ) .

( ب ) وقال آخرون :

المقصود من الآية أنهم ورثوا ملك فرعون في أرض الشام التي هاجروا إليها ، وكانت تابعة لمصر في عهد فرعون6 ، ولم يثبت تاريخيا أنهم عادوا إلى مصر بعد أن هاجروا إلى الشام .

( ج ) وذكر الأستاذ سيد قطب في ظلال القرآن ما يأتي : { كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قوما آخرين } .

ويبدأ المشهد بصور النعيم الذي كانوا فيه يرفلون : جنات ، وعيون ، وزروع ، ومكان مرموق ينالون فيه الاحترام والتكريم ، ونعمة يلتذونها ويطعمونها ، ويعيشون فيها مسرورين محبورين ، ثم ينزع هذا كله منهم ، أو ينزعون منه ، ويرثه قوم آخرون .

وفي موضع آخر قال : { كذلك وأورثناها بني إسرائيل } . ( الشعراء : 59 ) .

وبنو إسرائيل لم يرثوا ملك فرعون بالذات ، ولكنهم ورثوا ملكا مثله في الأرض الأخرى ، فالمقصود هو نوع الملك والنعمة الذي زال عن فرعون وملئه ، وورثه بنو إسرائيل ، ثم ماذا ؟ ثم ذهب هؤلاء الطغاة الذين كانوا ملء الأعين والنفوس في هذه الأرض ، ذهبوا فلم يأس على ذهابهم أحد ، ولم تشعر بهم سماء ولا أرض7 .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَۖ وَأَوۡرَثۡنَٰهَا قَوۡمًا ءَاخَرِينَ} (28)

أي : هذة النعمة المذكورة { قَوْمًا آخَرِينَ } وفي الآية الأخرى : { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ }

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَۖ وَأَوۡرَثۡنَٰهَا قَوۡمًا ءَاخَرِينَ} (28)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{كذلك}: هكذا فعلنا بهم في الخروج من مصر.

{وأورثناها} يعني أرض مصر.

{قوما آخرين}...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

هكذا كما وصفت لكم أيها الناس فعلنا بهؤلاء الذي ذكرتُ لكم أمرهم، الذين كذّبوا رسولنا موسى صلى الله عليه وسلم.

"وأوْرَثْناها قَوْما آخَرِينَ": وأورثنا جناتهم وعيونهم وزروعهم ومَقاماتهم وما كانوا فيه من النعمة عنهم قوما آخرين بعد مهلكهم.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{كذلك وأورثناها} سماها وراثة من حيث كانت أشياء أناس وصلت إلى قوم آخرين من بعد موت الأولين، وهذه حقيقة الميراث في اللغة وربطها الشرع بالنسب وغيره من أسباب الميراث، والآخرون من ملك مصر بعد القبط.

وقال قتادة: القوم الآخرون، هم بنو إسرائيل، وهذا ضعيف، لأنه لم يرو أن بني إسرائيل رجعوا إلى مصر في شيء من ذلك الزمان ولا ملكوها قط...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان هذا أمراً عظيماً لا يكاد يصدق أن يكون لأحد، دل على عظمه وحصوله لهم بقوله: {كذلك} أي الأمر كما أخبرنا به من تنعيمهم وإخراجهم وإغراقهم وأنهم تركوا جميع ما كانوا فيه لم يعن عنهم شيء منه، فلا يغترن أحد بما ابتليناه به من النعم لئلا يصنع به من الإهلاك ما صنعنا بهم.

ولما أفهم سوق الكلام هكذا إغراقهم كلهم، زاده إيضاحاً بالتعبير بالإرث الذي حقيقته الأخذ عن الميت أخذاً لا منازع فيه فقال عاطفاً على ما تقدم تقديره بعد اسم الإشارة: {وأورثناها} أي تلك الأمور العظيمة {قوماً} أي ناساً ذوي قوة في القيام على ما يحاولونه، وحقق أنهم غيرهم تحقيقاً لإغراقه بقوله: {آخرين}. قال ابن برجان، وقال في سورة الظلمة:"وعيون وكنوز" مكان "وزروع "لما كان المعهود من الزرع الحصد في أقرب المدة أورث زروعها وجناتها وما فيها من مقام كريم قوماً ليسوا بآل فرعون فإنهم أهلكوا، ولا بني إسرائيل فإنهم قد عبروا البحر...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{كذلك} راجع لفعل {تركوا}. والتقدير: تركاً مثل ذلك الترك.

والإشارة إلى مقدر دل عليه الكلام ومعنى الكاف.

{وأورثناها قَوْماً ءاخرين}}.

عطف على {تركوا} أي تركوها وأورثناها غيرهم... وليس المراد بقوله {قوماً آخرين} قوماً من بني إسرائيل، ألا ترى أنه أعيد الاسم الظاهر في قوله عقبه {ولقد نجينا بني إسرائيل} [الدخان: 30]، ولم يقل ولقد نجيناهم.

ووقع في آية الشعراء {فأخرجناهم من جناتٍ وعيونٍ وكنوزٍ ومقام كريم كذلك وَأورثناها بني إسرائيل} [الشعراء: 57 -59] والمراد هنالك أن أنواعاً مما أخرجنا منه قومَ فرعون أورثناها بني إسرائيل، ولم يُقصد أنواعُ تلك الأشياء في خصوص أرض فرعون. ومناسبة ذلك هنالك أن القومَين أخرجا مما كانا فيه، فسُلب أحد الفريقين ما كان له دون إعادة لأنهم هلكوا، وأعطي الفريق الآخَر أمثال ذلك في أرض فلسطين، ففي قوله: {وأورثناها} تشبيه بليغ، وانظر آية سورة الشعراء.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

{كَذَلِكَ} يعني: مثل هذا، سلبها الله منهم وأعطاها لغيرهم، ولو سُلِبَتْ منهم فقط لكانتْ أخفَّ عليهم، إنما سُلِبَتْ منهم وأُعطيَتْ لغيرهم فهذا أنكى.

أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري 1439 هـ :

من الهداية: -بيان سنة الله في سلب النعم وإنزال النقم بمن كفر نعم الله ولم يشكرها فعصى ربه وأطاع هواه ونفسه فترك الصلاة واتبع الشهوات وترك القرآن واشتغل بالأغاني، وأعرض عن ذكر الله وأقبل على ذكر الدنيا ومفاتنها...

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَۖ وَأَوۡرَثۡنَٰهَا قَوۡمًا ءَاخَرِينَ} (28)

قال الزجاج : أي الأمر كذلك ، فيوقف على " كذلك " . وقيل : إن الكاف في موضع نصب ، على تقدير نفعل فعلا كذلك بمن نريد إهلاكه . وقال الكلبي : " كذلك " أفعل بمن عصاني . وقيل : " كذلك " كان أمرهم فأهلكوا . " وأورثناها قوما آخرين " يعني بنى إسرائيل ، ملكهم الله تعالى أرض مصر بعد أن كانوا فيها مستعبدين ، فصاروا لها وارثين ؛ لوصول ذلك إليهم كوصول الميراث . ونظيره : " وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها " {[13728]} [ الأعراف : 137 ] .


[13728]:آية 137 سورة الأعراف.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَۖ وَأَوۡرَثۡنَٰهَا قَوۡمًا ءَاخَرِينَ} (28)

ولما كان هذا أمراً عظيماً لا يكاد يصدق أن يكون لأحد ، دل على عظمه{[57500]} وحصوله لهم بقوله : { كذلك } أي الأمر كما أخبرنا به من تنعيمهم{[57501]} وإخراجهم وإغراقهم وأنهم تركوا جميع ما كانوا فيه لم يعن{[57502]} عنهم شيء منه ، فلا يغترن{[57503]} أحد{[57504]} بما ابتليناه به من النعم لئلا يصنع به من الإهلاك ما صنعنا بهم . ولما أفهم سوق الكلام هكذا إغراقهم كلهم ، زاده إيضاحاً بالتعبير بالإرث الذي{[57505]} حقيقته الأخذ عن الميت{[57506]} أخذاً لا منازع فيه فقال عاطفاً على ما تقدم تقديره بعد اسم الإشارة : { وأورثناها } أي تلك الأمور العظيمة { قوماً } أي ناساً ذوي قوة في القيام على ما يحاولونه ، وحقق أنهم غيرهم تحقيقاً لإغراقه بقوله : { آخرين * } قال ابن برجان ، وقال في سورة الظلمة : " وعيون وكنوز " مكان " وزروع " لما{[57507]} كان المعهود من الزرع الحصد في أقرب المدة أورث زروعها وجناتها وما فيها من مقام كريم قوماً ليسوا بآل فرعون فإنهم أهلكوا ولا بني إسرائيل فإنهم قد عبروا البحر ، ولما توطد{[57508]} ملكهم في الأرض المقدسة اتصل بمصر ، فورثوا الأرض بكنوزها وأموالها ونعمتها ومقامها الكريم - انتهى .


[57500]:زيد في الأصل بعده: فيه، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[57501]:من مد، وفي الأصل و ظ: نعيمهم.
[57502]:من ظ ومد، وفي الأصل: لن يغني.
[57503]:من مد، وفي الأصل و ظ: فلا يغتر.
[57504]:زيد في الأصل: منهم، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[57505]:زيد في الأصل و ظ: هو، ولم تكن الزيادة في مد فحذفناها.
[57506]:من مد، وفي الأصل و ظ: ميت.
[57507]:من مد، وفي الأصل وظ: ولما.
[57508]:من ظ ومد، وفي الأصل: توطن.