تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لِيَوۡمٍ عَظِيمٖ} (5)

1

المفردات :

ألا يظن : يتيقن ، وهو استفهام توبيخ وإنكار وتعجب من حالهم ، وعبّر بالظن لأن من ظن ذلك لم يتجاسر على أمثال هذه القبائح ، فكيف بمن تيقنه .

يوم يقوم الناس : من قبورهم .

لرب العالمين : لأمره وحكمه وحسابه وجزائه ، والتعبير برب العالمين وقيام الناس للحساب ، مبالغات في المنع عن التطفيف وتعظيم إثمه .

التفسير :

ثم توعّد الله المطفّفين بقوله :

4 ، 5 ، 6- لا يظن أولئك أنهم مبعوثون* ليوم عظيم* يوم يقوم الناس لرب العالمين .

هؤلاء المعتدون ألا يخطر ببالهم أنهم مبعوثون ، ومسئولون عما يفعلون ، في يوم عظيم أمره ، شديد خطره ، حين يقوم الناس من قبورهم للحشر والحساب والجزاء ، وتنفيذ أمر الله ، فمن وفّى وفّي له ، ومن طفف وظلم أدخل نارا حامية ، أما يخاف هؤلاء يوم القيامة ، حيث يقف الجميع على أرض بيضاء عفراء ، وتقترب الشمس من الرؤوس ، ويشتد العرق حتى يصل إلى رقاب الناس ، أو يفغر أفواههم ، أما يخافون هول هذا اليوم ، وما فيه من حساب وجزاء .

قال تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره* ومن يعمل مثقال ذرّة شرا يره . ( الزلزلة : 7 ، 8 ) .

إن مجرد الظن بالقيامة والبعث والحساب والجزاء ، جدير بأن يردع الإنسان عن تطفيف الكيل والميزان ، وظلم الآخرين والإساءة إليهم ، فما بالك إذا كان لك عين اليقين .

وقيل : الظن هنا بمعنى اليقين ، أي : ألا يوقن أولئك بالبعث في ذلك اليوم العظيم ، ولو أيقنوا ما نقصوا في الكيل والميزان ، وهذا دليل على أن التطفيف من الكبائر .

قال الإمام فخر الدين الرازي :

جمع الله سبحانه في هذه الآيات أنواعا من التهديد :

فقال أولا : ويل للمطفّفين . وهذه الكلمة تذكر عند نزول البلاء .

ثم قال ثانيا : ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون . وهو استفهام بمعنى الإنكار .

ثم قال ثالثا : ليوم عظيم . والشيء الذي يستعظمه الله لا شك أنه في غاية العظمة .

ثم قال رابعا : يوم يقوم الناس لرب العالمين . وفيه نوعان من التهديد :

أحدهما : كونهم قائمين مع غاية الخشوع ، ونهاية الذلّ والانكسار .

والثاني : أنه وصف نفسه بكونه ربا للعالمين .

فائدة :

بمناسبة تفسير قوله تعالى : يوم يقوم الناس لرب العالمين .

تكلم المفسرون عن قيام الناس بعضهم لبعض ، وفيه خلاف ، فمنهم من أجازه ، ومنهم من منعه .

وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قام إلى جعفر بن أبي طالب ، واعتنقه ، وقام طلحة لكعب بن مالك يوم تاب الله عليه ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار : ( قوموا إلى سيدكم )iv . إشارة إلى سعد بن معاذ .

وقال أيضا صلى الله عليه وسلم : ( من سرّه أن يمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار ) . v .

وقد روى القرطبي هذه الآثار ، ثم قال : وذلك يرجع إلى حال الرجل ونيّته ، فإن انتظر ذلك واعتقده لنفسه فهو ممنوع ، وإن كان على طريق البشاشة والصلة فإنه جائز وبخاصة عند الأسباب ، كالقدوم من السفر ونحوه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لِيَوۡمٍ عَظِيمٖ} (5)

{ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيم }ٍ فالذي جرأهم على التطفيف عدم إيمانهم باليوم الآخر ، وإلا فلو آمنوا به ،

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لِيَوۡمٍ عَظِيمٖ} (5)

" ليوم عظيم " شأنه وهو يوم القيامة .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{لِيَوۡمٍ عَظِيمٖ} (5)

{ ليوم عظيم } يعني : يوم القيامة ، وهذا تهديد للمطففين وإنكار لفعلهم وكان عبد الله بن عمر إذا مر بالبائع يقول له : اتق الله وأوف الكيل فإن المطففين يوقفون يوم القيامة لعظمة الرحمن .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لِيَوۡمٍ عَظِيمٖ} (5)

{ ليوم } أي لأجله وفيه ، وزاد التهويل بقوله : { عظيم * } أي لعظمة ما يكون فيه من الجمع والحساب الذي يكون عنه{[72147]} الثواب و{[72148]}العقاب مما لا يعلمه على حقيقته{[72149]} إلا هو سبحانه وتعالى .


[72147]:من ظ و م وفي الأصل: عليه.
[72148]:من ظ و م، وفي الأصل: إذ.
[72149]:من ظ و م، وفي الأصل: سقيقة.