التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ غَيۡرُ يَسِيرٖ} (10)

والفاء فى قوله : { فَذَلِكَ } واقعة فى جواب { إذا } واسم الإِشارة يعود إلى مدلول النقر وما يترتب عليه من حساب وجزاء . وقوله { يومئذ } بدل من اسم الإِشارة والتنوين فيه عوض عن جملة وقوله : { عَسِيرٌ } و { غَيْرُ يَسِير } صفتان لليوم .

أى : أنذر - أيها الرسول الكريم - الناس ، وبلغهم رسالة ربك ، واصبر على أذى المشركين ، فإنه إذا نفخ إسرافيل بأمرنا النفخة الثانية ، صار ذلك النفخ وما يترتب عليه من أهوال ، وقتا وزمانا عسير أمره على الكافرين ، وغير يسير وقعه عليهم .

ووصف اليوم بالعسير ، باعتبار ما يقع فيه من أحداث يشيب من هولها الولدان .

وقوله : { غَيْرُ يَسِير } تأكيد لمعنى { عَسِيرٌ } مغن عنه ؟ قلت : لما قال { عَلَى الكافرين } فقصر العسر عليهم قال : { غَيْرُ يَسِير } ليؤذن بأنه لا يكون عليهم كما يكون على المؤمنين يسيرا هينا ، ليجمع بين وعيد الكافرين وزيادة غيظهم ، وبين بشارة المؤمنين وتسليتهم . ويجوز أن يراد أنه عسير لا يرجى أن يرجع يسيرا . كما يرجى تيسير العسير من أمور الدنيا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ غَيۡرُ يَسِيرٖ} (10)

و { على الكافرين } متعلق ب { عسير } .

ووصف اليوم ونحوه من أسماء الزمان بصفات أحداثِه مشهور في كلامهم ، قال السَمَوْأل ، أوْ الحارثي :

وأيَّامُنا مشهورةٌ في عدوّنا *** لها غُرر معلومة وحُجول

وإنما الغُرر والحجول مستعارة لصفات لقائهم العدوّ في أيامهم ، وفي المقامة الثلاثين « لا عَقَدَ هذا العقدَ المبجَّل ، في هذا اليوم الأغَر المُحْجَل ، إلاّ الذي جال وجَاب ، وشب في الكُدْيَة وشَاب » وقال تعالى : { فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات } في سورة فصلت ( 16 ) .

و { غير يسير } تأكيد لمعنى { عسير } بمرادفه . وهذا من غرائب الاستعمال كما يقال : عاجلاً غير آجل ، قال طالب بن أبي طالب :

فلْيكُن المغلوبَ غيرَ الغَالِبْ *** وليكن المسلوبَ غَيْر السَّالِبْ

وعليه من غير التأكيد قوله تعالى : { قد ضلّوا وما كانوا مهتدين } [ الأنعام : 140 ] { قد ضلَلْتُ إذن وما أنا من المهتدين } [ الأنعام : 56 ] . وأشار الزمخشري إلى أن فائدة هذا التأكيد ما يشعر به لفظ { غير } من المغايرة فيكون تعريضاً بأن له حالة أخرى ، وهي اليسر ، أي على المؤمنين ، ليجمع بين وعيد الكافرين وإغاظتهم ، وبشارة المؤمنين .