إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ غَيۡرُ يَسِيرٖ} (10)

{ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الكافرين } فإنَّ معناهُ عسُرَ الأمرُ عَلَى الكافرينَ وذلكَ إشارةٌ إلى وقتِ النقرِ وما فيهِ منْ مَعْنى البعدِ مع قُربِ العَهدِ بالمشارِ إليهِ للإيذانِ ببعدِ منزلتِه في الهولِ والفظاعةِ ومحلُه الرفعُ عَلى الابتداءِ ويومئذٍ بدلٌ منْهُ مبنيٌّ عَلى الفتحِ لإضافتِه إلى غيرِ متمكنٍ والخبرُ يومٌ عسيرٌ وقيلَ : يومئذٍ ظرفٌ للخبرِ إذِ التقديرُ وذلك وقتُ وقوعِ يومٍ عسيرٍ وَعَلَى متعلقةٌ بعسيرٌ وقيلَ : بمحذوفٍ هو صفةٌ لعسيرٌ أوْ حالٌ من المستكنِّ فيهِ وقولُه تعالى : { غَيْرُ يَسِيرٍ } تأكيدٌ لعُسرِهِ عليهمْ مشعرٌ بيُسرهِ على المؤمنينَ واختلفَ في أنَّ المرادَ بِه يومُ النفخةِ الأولى أو الثانيةِ ، والحقُّ أنَّها الثانيةُ ، إذْ هيَ التي يختصُّ عسرُها بالكافرينَ وأما النفخةُ الأُولى فحكمُها الذي هو الإصعاقُ يعمُّ البرَّ والفاجرَ عَلى أنَّها مختصةٌ بمَنْ كانَ حياً عندَ وقوعِها وقد جاءَ في الأخبار أنَّ في الصورِ ثقباً بعددِ الأرواحِ كلِّها وأنَّها تجمعُ في تلكَ الثقوبِ في النفخةِ الثانيةِ فتخرجُ عندَ النفخِ منْ كُلِّ ثقبةٍ روحٌ إلى الجسدِ الِّذي نزعت مِنْهُ فيعودُ الجسدُ حياً بإذنِ الله تعالَى .