التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالُواْ بَلۡ جِئۡنَٰكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمۡتَرُونَ} (63)

وقوله - سبحانه - : { قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ وَآتَيْنَاكَ بالحق وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } .

حكاية لما رد به الملائكة على لوط ، لكى يزيلوا ضيقه بهم ، وكراهيته لوجودهم عنده .

وقوله { يمترون } من الامتراء ، وهو الشك الذي يدفع الإِنسان إلى المجادلة المبنية على الأوهام لا على الحقائق .

وهو - كما يقول الإِمام الفخر الرازى - مأخوذ من قول العرب : " مريت الناقة والشاة إذا أردت حلبها ، فكأن الشاك يجتذب بشكه مراء ، كاللبن الذي يجتذب عند الحلب . يقال : قد مارى فلان فلانا ، إذا جادله كأنه يستخرج غضبه " .

أى : قال الملائكة للوط لإِدخال الطمأنينة على نفسه : يا لوط نحن ما جئنا لإِزعاجك أو إساءتك ، وإنما جئناك بأمر كان المجرمون من قومك ، يشكون في وقوعه ، وهو العذاب الذي كنت تحذرهم منه إذا ما استمروا في كفرهم وفجورهم . . .

وإنا ما أتيناك إلا بالأمر الثابت المحقق الذي لا مرية فيه ولا تردد ، وهو إهلاك هؤلاء المجرمين من قومك ، وإنا لصادقون في كل ما قلناه لك ، وأخبرناك به ، فكن آمنًا مطمئنًا .

فالإضراب في قوله { قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ .

. . } إنما هو لإِزالة ما وقر في قلب لوط - عليه السلام - تجاه الملائكة من وساوس وهواجس .

فكأنهم قالوا له : نحن ما جئناك بشئ تكرهه أو تخافه . . وإنما جئناك بما يسرك ويشفى غليلك من هؤلاء القوم المنكوسين .

وعبر عن العذاب بقوله { بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ } زيادة في إدخال الأنس على نفسه وتحقيقًا لوقوع العذاب بهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالُواْ بَلۡ جِئۡنَٰكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمۡتَرُونَ} (63)

فقالت الرسل للوط بل جئناك بما وعدك الله من تعذيبهم على كفرهم ومعاصيهم{[1]} ، وهو الذي كانوا يشكون فيه ولا يحققونه .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟