{ ادخلوا الجنة أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ } أى : ونساؤكم المؤمنات { تُحْبَرُونَ } أى : تسرون وتتلذذون بتلك النعم التى أنعم بها - سبحانه - عليكم .
فالمراد بأزواجهم هنا : نساؤهم ، لأن فى هذه الصحبة تلذذا أكثر ، ونعيما أكبر .
والإِضافة فى قوله { أَزْوَاجُكُمْ } للاختصاص التام ، فتخرج الأزواج غير المؤمنات .
ومنهم من يرى أن المراد بقوله { وَأَزْوَاجُكُمْ } : نظراؤكم وأشباهكم فى الطاعة لله - تعالى - .
أى : ادخلوا الجنة أنتم وأشباهكم فى الإِيمان والطاعة ، دخولا لا تنالون معه إلا الفرح الدائم ، والسرور الذى لا انقطاع له .
وشبيه بهذ الآية قوله - تعالى - : { إِنَّ أَصْحَابَ الجنة اليوم فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى الأرآئك مُتَّكِئُونَ }
وقوله : ادْخُلُوا الجَنّةَ أنْتُمْ وأزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ يقول جلّ ثناؤه : ادخلوا الجنة أنتم أيها المؤمنون وأزواجكم مغبوطين بكرامة الله ، مسرورين بما أعطاكم اليوم ربكم .
وقد اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : تُحْبَرُونَ وقد ذكرنا ما قد قيل في ذلك فيما مضى ، وبيّنا الصحيح من القول فيه عندنا بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع ، غير أنا نذكر بعض ما لم يُذكر هنالك من أقوال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ادْخُلُوا الجَنّةَ أنْتُمْ وأزْوَاجُكُم تُحْبَرُونَ : أي تَنْعَمون .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله : تُحْبَرُونَ قال : تنعمون .
حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : تُحْبَرُونَ قال : تكرمون .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أنْتُمْ وأزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ قال : تنعمون .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"ادْخُلُوا الجَنّةَ أنْتُمْ وأزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ" يقول جلّ ثناؤه: ادخلوا الجنة أنتم أيها المؤمنون وأزواجكم مغبوطين بكرامة الله، مسرورين بما أعطاكم اليوم ربكم.
وقد اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: "تُحْبَرُونَ"...
عن قتادة "ادْخُلُوا الجَنّةَ أنْتُمْ وأزْوَاجُكُم تُحْبَرُونَ": أي تَنْعَمون...
عن السديّ، في قوله: "تُحْبَرُونَ "قال: تكرمون.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
يحتمل الأزواج من وجهين: أحدهما: الأزواج المعروفة وهي الأهل، لما وقوهم في الدنيا عن الأسباب التي بها يستوجبون النار كقوله تعالى: {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} [التحريم: 6].
والثاني: الأزواج التي ذكر القرناء والشركاء الذين أعانوهم على الأعمال الصالحة التي بها نالوا الجنة كقوله تعالى: {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم}
[الصافات: 22] ههنا قرناءهم وشركاءهم الذين أعانوهم على ذلك والله أعلم... وقوله تعالى: {تُحبرون}... ليس عليهم خوف الزوال والفناء، ولا حزن الحال.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
المراد بالأزواج من كان مستحقا للثواب ودخل الجنة...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{تُحْبَرُونَ} تسرون سروراً يظهر حباره -أي: أثره -على وجوهكم... والحبرة: المبالغة فيما وصف بجميل...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ادخلوا الجنة} ولما كانت الدار لا تكمل إلا بالرفيق السار، قال تعالى: {أنتم وأزواجكم} أي نساؤكم اللاتي كن مشاكلات لكم في الصفات، وأما قرناؤهم من الرجال فدخلوا في قوله {كانوا مسلمين}.
{تحبرون} أي تكرمون وتزينون فتسرون سروراً يظهر أثره عليكم مستمراً يتجدد أبداً...
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
{ادْخُلُوا الْجَنَّةَ} التي هي دار القرار {أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ} أي: من كان على مثل عملكم من كل مقارن لكم، من زوجة، وولد، وصاحب، وغيرهم.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
تبيّن هذه الآيات جزاء عباد الله المخلصين، والمؤمنين الصالحين الذين مرّ وصفهم في الآيات السابقة، وتبشرهم بالجنّة الخالدة مع ذكر سبع نعم من نعمها النفيسة الغالية.
تقول أوّلاً: (ادخلوا الجنّة) وبذلك فإنّ مضيفهم الحقيقي هو الله تعالى الذي يدعو ضيوفه ويقول لهم: أدخلوا الجنّة.
ثمّ أشارت إلى أول نعمة من تلك النعم، فقالت: (أنتم وأزواجكم)
وقد فسّر بعضهم «الأزواج» هنا بالمتساوين في الدرجة والأصدقاء والأقارب، فلو صحَّ فوجودهم نعمة عظيمة، إلاّ أنّ ظاهر الآية هو المعنى الأوّل.
«تحبرون» من مادة حِبْر وزن فكر أي الأثر المطلوب، وتطلق أحياناً على الزينة وآثار الفرح التي تظهر على الوجه، وإذا قيل للعلماء أحبار، فلآثارهم التي تبقى بين المجتمعات البشرية، كما يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام): «العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة».
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.