التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ أَتۡرَابٌ} (52)

{ وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطرف أَتْرَابٌ } أى : وعندهم فضلا عن كل ما تقدم نساء ذوات حياء ، وقد قصرن أعينهن على أرواحهن فلا يتطلعن إلى غيرهم ، لشدة محبتهن لهم .

وهن متساويات فى السن والجمال والأخلاق الكريمة . فمعنى أتراب : أنهن متساويات فى السن والجمال والشباب . مأخوذ من التراب . لأن التراب يمسهن فى وقت واحد لاتحاد مولدهن : ن من الترائب وهى عظام الصدر المتماثلة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ أَتۡرَابٌ} (52)

يبدأ المشهد بمنظرين متقابلين تمام التقابل في المجموع وفي الأجزاء ، وفي السمات والهيئات : منظر( المتقين )لهم ( حسن مآب ) . ومنظر( الطاغين )لهم ( شر مآب ) . فأما الأولون فلهم جنات عدن مفتحة لهم الأبواب . ولهم فيها راحة الاتكاء ، ومتعة الطعام والشراب . ولهم كذلك متعة الحوريات الشواب . وهن مع شبابهن ( قاصرات الطرف )لا يتطلعن ولا يمددن بأبصارهن . وكلهن شواب أتراب .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ أَتۡرَابٌ} (52)

{ عندهم قاصِراتُ الطَّرْفِ : { عند } ظرف مكان قريب و { قَاصِرات الطرف } صفة لموصوف محذوف ، أي نساء قاصرات النظر . وتعريف { الطرف } تعريف الجنس الصادقُ بالكثير ، أي قاصرات الأطراف . و { الطرف } : النظر بالعَين ، وقصر الطرف توجيهه إلى منظور غير متعدد ، فيجوز أن يكون المعنى : أنهن قاصرات أطرافَهن على أزواجهن . فالأطراف المقصورة أطرافهن . وإسناد { قاصرات } إلى ضميرهن إسناد حقيقي ، أيْ لا يوجّهْن أنظارهن إلى غيرهم وذلك كناية عن قصر محبتهن على أزواجهن .

ويجوز أن يكون المعنى : أنهن يقصرن أطرافَ أزواجهن عليهن فلا تتوجه أنظار أزواجهن إلى غيرهن اكتفاء منهم بحسنهن وذلك كناية عن تمام حسنهن في أنظار أزواجهن بحيث لا يتعلق استحسانهم بغيرهن ، فالأطراف المقصورة أطراف أزواجهن ، وإسناد { قاصرات } إليهن مجاز عقلي إذْ كان حسنهن سببَ قصْر أطراف الأزواج فإنهن ملابسات سَبب سَبَبِ القصر .

و { أَتراب } : جمع تِرْب بكسر التاء وسكون الراء ، وهو اسم لمن كان عمره مساوياً عُمرَ من يُضاف إليه ، تقول : هو تِرب فلان ، وهي ترب فلانة ، ولا تلحق لفظَ ترب علامةُ تأنيث . والمراد : أنهن أتراب بعضُهن لبعض ، وأنهن أتراب لأزواجهن لأن التحابَّ بين الأقران أمكن .

والظاهر أن { أتْرَابٌ } وصف قائم بجميع نساء الجنة من مخلوقاتتِ الجنةِ ومن النساء اللاتي كنّ أزواجاً في الدنيا لأصحاب الجنة ، فلا يكون بعضهن أحسن شباباً من بعض فلا يلحق بعضَ أهل الجنة غَضّ إذا كانت نساء غيره أجدّ شباباً ، ولئلا تتفاوت نساء الواحد من المتقين في شرخ الشباب ، فيكون النعيم بالأقل شباباً دون النعيم بالأجدّ منهن . وتقدم الكلام على { وعندهم قاصرات الطرف عين } في سورة [ الصافات : 48 ] .