التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَٱسۡتَمۡسِكۡ بِٱلَّذِيٓ أُوحِيَ إِلَيۡكَۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (43)

والفاء فى قوله - تعالى - : { فاستمسك بالذي أُوحِيَ إِلَيْكَ . . . } واقعة جوابا لشرط مقدر .

أى : إذا كان الأمر كما ذكرنا لك من أن أمرك مع هؤلاءا لمشركين لا يخلو عن حالين : فاستمسك - أيها الرسول الكريم - بما أوحينا إليك من هدايات وإرشادات { إِنَّكَ على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } وطريق قويم لا عوج فيه ولا اضطراب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٱسۡتَمۡسِكۡ بِٱلَّذِيٓ أُوحِيَ إِلَيۡكَۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (43)

26

( فاستمسك بالذي أوحي إليك . إنك على صراط مستقيم ) . .

واثبت على ما أنت فيه ، وسر في طريقك لا تحفل ما كان منهم وما يكون . سر في طريقك مطمئن القلب . ( إنك على صراط مستقيم ) . . لا يلتوي بك ولا ينحرف ولا يحيد .

وهذه العقيدة متصلة بحقيقة الكون الكبرى ، متناسقة مع الناموس الكلي الذي يقوم عليه هذا الوجود . فهي

مستقيمة معه لا تنفرج عنه ولا تنفصل . وهي مؤدية بصاحبها إلى خالق هذا الوجود ، على استقامة تؤمن معها الرحلة في ذلك الطريق !

والله - سبحانه - يثبت رسوله [ صلى الله عليه وسلم ] بتوكيد هذه الحقيقة . وفيها تثبيت كذلك للدعاة من بعده ، مهما لاقوا من عنت الشاردين عن الطريق !

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَٱسۡتَمۡسِكۡ بِٱلَّذِيٓ أُوحِيَ إِلَيۡكَۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (43)

ثم أمر تعالى نبيه بالتمسكا بما جاء من عند الله من الوحي المتلو وغيره . والصراط : الطريق .

وقرأ الجمهور : «أوحيَ » على بناء الفعل للمفعول . وقرأ الضحاك : «أوحى » على الفعل المبني للفاعل ، أي أوحى الله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَٱسۡتَمۡسِكۡ بِٱلَّذِيٓ أُوحِيَ إِلَيۡكَۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (43)

لما هوّن الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ما يلاقيه من شدة الحرص على إيمانهم ووعده النصر عليهم فَرّع على ذلك أن أمره بالثبات على دينه وكتابِه وأن لا يخورَ عزمه في الدعوة ضجراً من تصلبهم في كفرهم ونفورهم من الحق .

والاستمساك : شدة المسك ، فالسين والتاء فيه للتأكيد . والأمر به مستعمل في طلب الدوام ، لأنّ الأمر بفعل لمن هو مُتلبس به لا يكون لطلب الفعل بل لمعنى آخر وهو هنا طلب الثبات على التمسك بما أوحي إليه كما دلّ عليه قوله : { إنك على صراط مستقيم } وهذا كما يُدعى للعزيز المُكرَم ، فيقال : أعزك الله وأكرمك ، أي أدام ذلك وقوله : أحياك الله ، أي أطال حياتك ، ومنه قوله تعالى في تعليم الدعاء { اهدْنا الصراط المستقيم } [ الفاتحة : 6 ] .

والذي أوحي إليه هو القرآن . وجملة { إنك على صراط مستقيم } تأييد لطلب الاستمساك بالذي أوحي إليه وتعليل له .

والصراط المستقيم : هو العمل بالذي أوحي إليه ، فكأنه قيل : إنَّه صراط مستقيم ، ولكن عدل عن ذلك إلى { إنك على صراط مستقيم } ليفيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم راسخ في الاهتداء إلى مراد الله تعالى كما يتمكن السائر من طريق مستقيم لا يشوبه في سيره تردّد في سلوكه ولا خشية الضلال في بُنياته . ومِثله قوله تعالى : { إنّك على الحق المبين } في سورة النمل ( 79 ) .

وحرف { على } للاستعلاء المجازي المراد به التمكن كقوله : { أولئِك على هدى من ربّهم } [ البقرة : 5 ] . وهذا تثبيت للرّسول صلى الله عليه وسلم وثناء عليه بأنه ما زاغ قِيد أنملة عمّا بعثه الله به ، كقوله : { إنك على الحق المبين } ويتبعه تثبيت المؤمنين على إيمانهم . وهذا أيضاً ثناء سادس على القرآن .