التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَفَٰكِهَةٖ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ} (20)

وقوله : { وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ } أى : ويطاف عليهم بفاكهة يتلذذون بأكلها ، وهذه الفاكهة تأتيهم من كل نوع ، على حسب ما يريدون ويشتهون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَفَٰكِهَةٖ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ} (20)

. ( وفاكهة مما يتخيرون . ولحم طير مما يشتهون ) . . فهنا لا شيء ممنوع ، ولا شيء على غير ما يشتهي السعداء الخالدون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَفَٰكِهَةٖ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ} (20)

وقوله : { وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ . وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ } أي : ويطوفون عليهم بما يتخيرون من الثمار .

وهذه الآية دليل على جواز أكل الفاكهة على صفة التخير لها ، ويدل على ذلك حديث " عِكْراش بن ذؤيب " الذي رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي ، رحمه الله ، في مسنده : حدثنا العباس بن الوليد النَّرْسِي ، حدثنا العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية ، حدثنا عبيد الله بن عِكْراش ، عن أبيه عِكْراش بن ذؤيب ، قال : بعثني بنو مرة في صدقات أموالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدمت المدينة فإذا هو جالس بين المهاجرين والأنصار ، وقدمت عليه بإبل كأنها عروق الأرطى ، قال : " من الرجل ؟ "

قلت : عِكْراش بن ذؤيب . قال : " ارفع في النسب " ، فانتسبت له إلى " مرة بن عبيد " ، وهذه صدقة " مرة بن عبيد " . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : هذه إبل قومي ، هذه صدقات قومي . ثم أمر بها أن توسم بميسم إبل الصدقة وتضم إليها . ثم أخذ بيدي فانطلقنا إلى منزل أم سلمة ، فقال : " هل من طعام ؟ " فأتينا بحفنة كثيرة الثريد والوذر ، فجعل يأكل منها ، فأقبلت أخبط بيدي في جوانبها ، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليسرى على يدي اليمنى ، فقال : " يا عِكْراش ، كل من موضع واحد ، فإنه طعام واحد " . ثم أتينا بطبق فيه تمر ، أو رطب - شك عبيد الله رطبا كان أو تمرا - فجعلت آكل من بين يدي ، وجالت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطبق ، وقال : " يا عِكْراش ، كل من حيث شئت فإنه غير لون واحد " . ثم أتينا بماء ، فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ومسح بِبَلَلِ كفيه وجهه وذراعيه ورأسه ثلاثا ، ثم قال : " يا عِكْراش ، هذا الوضوء مما غيرت النار " .

وهكذا رواه الترمذي مطولا وابن ماجه جميعًا ، عن محمد بن بشار ، عن أبي الهزيل العلاء بن الفضل ، به{[28029]} . وقال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من حديثه .

وقال الإمام أحمد : حدثنا بهز بن أسد وعفان - وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا شيبان - قالوا : حدثنا سليمان بن المغيرة ، حدثنا ثابت ، قال : قال أنس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الرؤيا ، فربما رأى الرجل الرؤيا فسأل عنه إذا لم يكن يعرفه ، فإذا أثني عليه معروف ، كان أعجب لرؤياه إليه . فأتته امرأة فقالت : يا رسول الله ، رأيت كأني أتيت فأخرجت من المدينة ، فأدخلت الجنة فسمعت وَجبَة انتحبت لها الجنة ، فنظرت فإذا فلان ابن فلان ، وفلان ابن فلان ، فسَمَّتْ اثني عشر رجلا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث سرية قبل ذلك ، فجيء بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم ، فقيل : اذهبوا بهم إلى نهر البيدخ - أو : البيذخ - قال : فغمسوا فيه ، فخرجوا ووجوههم كالقمر ليلة البدر ، فأتوا بصحفة من ذهب فيها بُسر ، فأكلوا من بُسره ما شاؤوا ، فما يقلبونها من وجه إلا أكلوا من الفاكهة ما أرادوا ، وأكلت معهم . فجاء البشير من تلك السرية ، فقال : كان {[28030]} من أمرنا {[28031]} كذا وكذا ، وأصيب {[28032]} فلان وفلان . حتى عد اثني عشر رجلا فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة فقال : " قصي رؤياك " فقصتها ، وجعلت تقول : فجيء بفلان وفلان كما قال .

هذا لفظ أبي يعلى ، قال الحافظ الضياء : وهذا على شرط مسلم {[28033]} .

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا معاذ بن المثنى ، حدثنا علي بن المديني ، حدثنا ريحان بن سعيد ، عن عباد بن منصور ، عن أيوب ، عن أبي قِلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل إذا نزع ثمرة في الجنة ، عادت مكانها أخرى " {[28034]} .


[28029]:- (1) سنن الترمذي برقم (1848) وسنن ابن ماجة برقم (3274) وعبيد الله بن عكراش تكلم فيه، وتكلم في حديثه هذا.قال البخاري: "لا يثبت حديثه" ونقل العقيلي عنه أنه قال: "في إسناده نظر".
[28030]:- (2) في م، أ: "فقال: ما كان".
[28031]:- (3) في م، أ: "رؤيا".
[28032]:- (4) في م، أ: "فأصيب".
[28033]:- (5) المسند للإمام أحمد (3/135) ومسند أبي يعلى برقم (3289) (6/44) وقال الهيثمي في المجمع (7/175): "رجاله رجال الصحيح".
[28034]:- (1) المعجم الكبير (2/102) وفي إسناده عباد متكلم فيه.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَفَٰكِهَةٖ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ} (20)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وفاكهة مما يتخيرون} يعني يختارون من ألوان الفاكهة...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"وَفاكِهَةٍ مِمّا يَتَخَيّرُونَ" يقول تعالى ذكره: ويطوف هؤلاء الولدان المخلدون على هؤلاء السابقين بفاكهة من الفواكه التي يتخيّرونها من الجنة لأنفسهم، وتشتهيها نفوسهم.

"ولَحْمِ طَيْرٍ مِمّا يَشْتَهُونَ" يقول: ويطوفون أيضا عليهم بلحم طير مما يشتهون من الطير الذي تشتهيه نفوسهم...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وفاكهة مما يتخيرون} جميع فواكه الجنة مختارة لكن يخرج على وجهين: أحدهما: أن جميع فواكهها مما يتخيرون.

والثاني: العرف في الفواكه أن تقدم من أجناس مختلفة وألوان لا من لون واحد ونوع واحد، فيتخيرون من أي نوع اشتهوا، وشاؤوا...

معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :

يقال تخيرت الشيء إذا أخذت خيره...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{يَشْتَهُونَ} يتمنون.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

...

...

...

...

...

...

...

...

....

المسألة الثانية: هل في تخصيص التخيير بالفاكهة والاشتهاء باللحم بلاغة؟ قلت: وكيف لا وفي كل حرف من حروف القرآن بلاغة وفصاحة، وإن كان لا يحيط بها ذهني الكليل، ولا يصل إليها علمي القليل، والذي يظهر لي فيه أن اللحم والفاكهة إذا حضرا عند الجائع تميل نفسه إلى اللحم، وإذا حضرا عند الشبعان تميل إلى الفاكهة، والجائع مشته والشبعان غير مشته، وإنما هو مختار إن أراد أكل، وإن لم يرد لا يأكل، ولا يقال في الجائع إن أراد أكل لأن أن لا تدخل إلا على المشكوك، إذا علم هذا ثبت أن في الدنيا اللحم عند المشتهي مختار والفاكهة عند غير المشتهى مختارة وحكاية الجنة على ما يفهم في الدنيا فخص اللحم بالاشتهاء والفاكهة بالاختيار، والتحقيق فيه من حيث اللفظ أن الاختيار هو أخذ الخير من أمرين والأمران اللذان يقع فيهما الاختيار في الظاهر لا يكون للمختار أو لا ميل إلى أحدهما، ثم يتفكر ويتروى، ويأخذ ما يغلبه نظره على الآخر فالتفكه هو ما يكون عند عدم الحاجة، وأما إن اشتهى واحد فاكهة بعينها فاستحضرها وأكلها فهو ليس بمتفكه وإنما هو دافع حاجة، وأما فواكه الجنة تكون أولا عند أصحاب الجنة من غير سبق ميل منهم إليها ثم يتفكهون بها على حسب اختيارهم، وأما اللحم فتميل أنفسهم إليه أدنى ميل فيحضر عندهم، وميل النفس إلى المأكول شهوة، ويدل على هذا قوله تعالى: {قطوفها دانية} وقوله: {وجنى الجنتين دان} وقوله تعالى: {وفاكهة كثيرة، لا مقطوعة ولا ممنوعة} فهو دليل على أنها دائمة الحضور، وأما اللحم فالمروي أن الطائر يطير فتميل نفس المؤمن إلى لحمه فينزل مشويا ومقليا على حسب ما يشتهيه، فالحاصل أن الفاكهة تحضر عندهم فيتخير المؤمن بعد الحضور واللحم يطلبه المؤمن وتميل نفسه إليه أدنى ميل، وذلك لأن الفاكهة تلذ الأعين بحضورها، واللحم لا تلذ الأعين بحضوره، ثم إن في اللفظ لطيفة، وهي أنه تعالى قال: {مما يتخيرون} ولم يقل: مما يختارون مع قرب أحدهما إلى الآخر في المعنى، وهو أن التخير من باب التكلف فكأنهم يأخذون ما يكون في نهاية الكمال، وهذا لا يوجد إلا ممن لا يكون له حاجة ولا اضطرار.

المسألة الثالثة: ما الحكمة في تقديم الفاكهة على اللحم؟ نقول: الجواب عنه من وجوه؛

(أحدها) العادة في الدنيا التقديم للفواكه في الأكل والجنة وضعت بما علم في الدنيا من الأوصاف وعلى ما علم فيها، ولاسيما عادة أهل الشرب وكأن المقصود بيان حال شرب أهل الجنة.

(وثانيها) الحكمة في الدنيا تقتضي أكل الفاكهة أولا لأنها ألطف وأسرع انحدارا وأقل حاجة إلى المكث الطويل في المعدة للهضم، ولأن الفاكهة تحرك الشهوة للأكل واللحم يدفعها.

(وثالثها) يخرج مما ذكرنا جوابا خلا عن لفظ التخيير والاشتهاء هو أنه تعالى لما بين أن الفاكهة دائمة الحضور والوجود، واللحم يشتهي ويحضر عند الاشتهاء دل هذا على عدم الجوع لأن الجائع حاجته إلى اللحم أكثر من اختياره اللحم فقال: {وفاكهة} لأن الحال في الجنة يشبه حال الشبعان في الدنيا فيميل إلى الفاكهة أكثر فقدمها، وهذا الوجه أصح لأن من الفواكه مالا يؤكل إلا بعد الطعام، فلا يصح الأول جوابا في الكل.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{وفاكهة مما يتخيرون} أي هو فيها بحيث لو كان فيها جيد وغيره واختاروا وبالغوا في التنقية لكان مما يقع التخير عليه...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

... {يتخيرون} يفيد قوة الاختيار.

تفسير القرآن الكريم لابن عثيمين 1421 هـ :

{مما يتخيرون} لطيبها منظراً، وطيبها مشمًّا، وطيبها مأكلاً.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

إنّ تقديم الفاكهة على اللحم بلحاظ كون الفاكهة أفضل من الناحية الغذائية بالإضافة إلى نكهتها الخاصّة عند أكلها قبل الطعام.وخصّت لحوم الطيور بالذكر هنا لفضلها على بقيّة أنواع اللحوم، لذا فقد تكرّر ذكرها. إنّ استعمال تعبير «يتخيّرون» بالنسبة ل (الفاكهة) ويشتهون بالنسبة ل (اللحوم) لا يدلّل على وجود اختلاف بين التعبيرين كما ذهب إليه بعض المفسّرين، بل هما بمعنى واحد بعبارتين مختلفتين، والمقصود بهما أنّ أي غذاء يشتهيه أهل الجنّة يوضع باختيارهم من قبل الولدان المخلّدين.