التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَجَعَلۡنَا عَٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ حِجَارَةٗ مِّن سِجِّيلٍ} (74)

والضمير فى قوله { عاليها سافلها } يعود إلى المدينة التى كان يسكنها المجرمون من قوم لوط .

أى : فجعلنا بقدرتنا عالى هذه المدينة سافلها ، بأن قلبناها قلباً كاملاً { وأمطرنا عليهم } أى على هؤلاء المجرمين من قوم لوط { حجارة } كائنة { من سجيل } أى من طين متحجر . فهلكوا جميعاً .

وهكذا أخذ الله - تعالى - هؤلاء المجرمين أخذ عزيز مقتدر ، حيث أهلكهم بهذه العقوبة التى تتناسب مع جريمتهم ، فهم قلبوا الأوضاع ، فأتوا بفاحشة لم يسبقوا إليها ، فانتقم الله - تعالى - منهم بهذه العقوبة التى جعلت أعلى مساكنهم أسفلها .

ثم ساقت السورة الكريمة بعض العبر والعظات التى يهتدى بها العقلاء من قصتى إبراهيم ولوط - عليهما السلام - كما ساقت بعد ذلك جانباً من قصتى شعيب وصالح - عليهما السلام - فقال - تعالى - : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ . . . } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَجَعَلۡنَا عَٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ حِجَارَةٗ مِّن سِجِّيلٍ} (74)

49

( فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل ) . .

وقد خسف بقرى لوط بظاهرة تشبه ظاهرة الزلازل أو البراكين وتصاحبها أحيانا ظاهرة الخسف وتناثر أحجار ملوثة بالطين وهبوط مدن بكاملها تسيح في الأرض . ويقال : إن بحيرة لوط الحالية وجدت بعد هذا الحادث ، بعد انقلاب عمورة وسدوم في باطن الأرض ، وهبوط مكانها وامتلائه بالماء . ولكننا لا نعلل ما وقع لهم بأنه كان زلزالا أو بركانا عابرا مما يقع في كل حين . . فالمنهج الإيماني الذي نحرص عليه في هذه الظلال يبعد كل البعد عن هذه المحاولة !

إننا نعلم علم اليقين أن الظواهر الكونية كلها تجري وفق ناموس الله الذي أودعه هذا الكون . ولكن كل ظاهرة وكل حدث في هذا الكون لا يقع بأية حتمية إنما يقع وفق قدر خاص به . بلا تعارض بين ثبات الناموس وجريان المشيئة بقدر خاص لكل حدث . . كذلك نحن نعلم علم اليقين أن الله سبحانه يجري في حالات معينة أقدارا معينة بأحداث معينة لوجهة معينة . وليس من الضروري أن يكون ذلك الذي دمر قرى لوط زلزال أو بركان عادي ؛ فقد يريد الله أن ينزل بهم ما يشاء ، وقتما يشاء ، فيكون ما يشاء ، وفق ما يشاء . . وهذا هو المنهج الإيماني في تفسير معجزات الرسل أجمعين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَجَعَلۡنَا عَٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ حِجَارَةٗ مِّن سِجِّيلٍ} (74)

يقول تعالى : { فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ } وهي ما جاءهم من الصوت القاصف عند شروق الشمس ، وهو طلوعها ، وذلك مع رفع{[16210]} بلادهم إلى عَنان السماء ثم قلْبها ، وجعل عاليها سافلها ، وإرسال حجارة السجيل عليهم . وقد تقدم الكلام على السجيل في [ سورة ]{[16211]} هود بما فيه كفاية .


[16210]:في ت: "رفيع".
[16211]:زيادة من أ.

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَجَعَلۡنَا عَٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ حِجَارَةٗ مِّن سِجِّيلٍ} (74)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ * إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لِلْمُتَوَسّمِينَ } .

يقول تعالى ذكره : فجعلنا عالي أرضهم سافلَها ، وأمطرنا عليهم حِجارة من سجّيل . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن عكرمة : وَأمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجّيلٍ أي من طين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَجَعَلۡنَا عَٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ حِجَارَةٗ مِّن سِجِّيلٍ} (74)

{ فجعلنا عاليها } عالي المدينة أو عالي قراهم . { سافلها } وصارت منقلبة بهم . { وأمطرنا عليهم حجارة من سجّيل } من طين متحجر أو طين عليه كتاب من السجل ، وقد تقدم مزيد بيان لهذه القصة في سورة " هود " .