التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُجۡرِمُونَ} (82)

وقوله : { وَيُحِقُّ الله الحق بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ المجرمون } تأكيد لسنة الله - تعالى - في تنازع الحق والباطل ، والصلاح والفساد .

أى : نه جرت سنة الله تعالى - أن لا يصلح عمل المفسدين ، بل يمحقه ويبطله ، وأنه - سبحانه - يحق الحق أى يثبته ويقويه ويؤيده { بِكَلِمَاتِهِ } النافذة . وقضائه الذي لا يرد ، ووعده الذي لا يتخلف { وَلَوْ كَرِهَ المجرمون } ذلك لأن كراهيتهم لإِحقاق الحق وإبطال الباطل ، لا تعطيل مشيئة الله ، ولا تحول بين تنفيذ آياته وكلماته وقد كان الأمر كذلك فقد أوحى الله إلى موسى { أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هي تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ . فَوَقَعَ الحق وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُجۡرِمُونَ} (82)

71

( ويحق اللّه الحق بكلماته ) . .

كلماته التكوينية ( كن فيكون ) . .

وهي تعبير عن توجه المشيئة . أو كلماته التي هي آياته وبيناته :

( ولو كره المجرمون ) . .

فإن كراهتهم لا تعطل مشيئة اللّه ، ولا تقف دون آياته .

وقد كان . . وبطل السحر وعلا الحق . . ولكن السياق يختصر المشاهد هنا ؛ لأنها ليست مقصودة في هذا المجال .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُجۡرِمُونَ} (82)

ذكر تعالى{[14349]} قصة السحرة مع موسى ، عليه السلام ، في سورة الأعراف ، وقد تقدم الكلام عليها هناك . وفي هذه السورة ، وفي سورة طه ، وفي الشعراء ؛ وذلك أن فرعون - لعنه الله - أراد أن يَتَهَرَّج على الناس ، ويعارض ما جاء به موسى ، عليه السلام ، من الحق المبين ، بزخارف{[14350]} السحرة والمشعبذين ، فانعكَس عليه النظام ، ولم يحصل له ذلك المرام ، وظهرت{[14351]} البراهين الإلهية في ذلك المحفل العام ، و { فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ } [ الشعراء : 46 - 48 ] فظن فرعون أن{[14352]} يستنصر بالسحَّار ، على رسول عالم الأسرار ، فخاب وخسر الجنة ، واستوجب النار .

{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ } {[14353]} ؛ وإنما قال لهم ذلك لأنهم اصطفوا - وقد وعدوا من فرعون بالتقريب والعطاء الجزيل - { قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا } [ طه : 65 ، 66 ] ، فأراد موسى أن تكون البَدَاءة منهم ، ليرى الناس ما صنعوا ، ثم يأتي بالحق بعده فيدمغ باطلهم ؛ ولهذا لما { أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } [ الأعراف : 116 ] ،

{ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } [ طه : 67 ، 69 ] ، فعند ذلك قال موسى لما ألقوا : { مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ } .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عمار بن الحارث ، حدثنا عبد الرحمن - يعني الدَّشْتَكِيّ - أخبرنا أبو جعفر الرازي ، عن لَيْث - وهو ابن أبي سليم - قال : بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله تعالى ، تقرأ في إناء فيه ماء ، ثم يصب على رأس المسحور : الآية التي من سورة يونس : { فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ } والآية الأخرى : { فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [ الأعراف : 118 - 122 ] ، وقوله { إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } [ طه : 69 ] .


[14349]:- في ت : "ذكر الله سبحانه"
[14350]:- في أ : "من خوارق".
[14351]:- في ت : "وأظهرت".
[14352]:- في ت : "أنه".
[14353]:- في ت : "سحار".