وقوله : جَزَاءً بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ يقول تعالى ذكره : ثوابا لهم من الله بأعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا ، وعوضا من طاعتهم إياه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو هشام الرفاعيّ ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن ابن عُيينة ، عن عمرو ، عن الحسن وحُورٌ عِينٌ قال : شديدة السواد : سواد العين ، شديدة البياض : بياض العين .
قال : ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن رجل ، عن الضحاك وحُورٌ عِينٌ قال : بِيض عِين ، قال : عظام الأعين .
حدثنا ابن عباس الدوريّ ، قال : حدثنا حجاج ، قال : قال ابن جُرَيج ، عن عطاء الخُراسانيّ ، عن ابن عباس ، قال : الحُور : سُود الحَدَق .
حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد الأسلميّ ، عن عباد بن منصور الباجيّ ، أنه سمع الحسن البصريّ يقول : الحُور : صوالح نساء بني آدم .
قال : ثنا إبراهيم بن محمد ، عن ليث بن أبي سليم ، قال : بلغني أن الحور العين خُلقن من الزعفران .
حدثنا الحسن بن يزيد الطحان ، قال : حدثتنا عائشة امرأة ليث ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : خلق الحُور العين من الزعفران .
حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : حدثنا عمرو بن سعد ، قال : سمعت ليثا ، ثني ، عن مجاهد ، قال : حور العين خُلقن من الزعفران .
وقال آخرون : بل معنى قوله : حُورٌ أنهنّ يحار فيهنّ الطرف . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن رجل ، عن مجاهد وحُورٌ عِينٌ قال : يحار فيهنّ الطرف .
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : كأمْثالِ اللّؤْلُؤِ قال أهل التأويل ، وجاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا أحمد بن الفرج الصّدَفيّ الدّمْياطيّ ، عن عمرو بن هاشم ، عن ابن أبي كريمة ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن أمه ، عن أمّ سلمة ، قالت : قلت يا رسول الله أخبرني عن قول الله كأمْثالِ اللّؤلُؤِ المَكْنُونِ قال : «صفاؤُهُنّ كَصَفاءِ الدّرّ الّذِي فِي الأصْدَافِ الّذِي لا تَمُسّهُ الأيْدي » .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
هذا الذي ذكر لهم في الآخرة {جزاء بما كانوا يعملون} في الدنيا...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله:"جَزَاءً بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ "يقول تعالى ذكره: ثوابا لهم من الله بأعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا، وعوضا من طاعتهم إياه...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{جزاء بما كانوا يعملون} إن الله تعالى ذكر للأعمال جزاء كأنهم عملوا له فضلا منهم و كرما في حق عباده، وإن كانوا في الحقيقة عاملين لأنفسهم كقوله تعالى: {إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم} [الإسراء: 7]...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{جزاء بما كانوا يعملون} أي هذه الرتب والنعم هي لهم بحسب أعمالهم...
{جزاء بما كانوا يعملون}. وفي نصبه وجهان (أحدهما) أنه مفعول له وهو ظاهر تقديره فعل بهم هذا ليقع جزاء وليجزون بأعمالهم.
وعلى هذا فيه (لطيفة) وهي أن نقول: المعنى أن هذا كله جزاء عملكم وأما الزيادة فلا يدركها أحد منكم.
(وثانيهما) أنه مصدر لأن الدليل على أن كل ما يفعله الله فهو جزاء فكأنه قال: تجزون جزاء.
وقوله: {بما كانوا} قد ذكرنا فائدته في سورة الطور وهي أنه تعالى قال في حق المؤمنين: {جزاء بما كانوا يعملون} وفي حق الكافرين: {إنما تجزون ما كنتم تعملون} إشارة إلى أن العذاب عين جزاء ما فعلوا فلا زيادة عليهم، والثواب: {جزاء بما كانوا يعملون} فلا يعطيهم الله عين عملهم، بل يعطيهم بسبب عملهم ما يعطيهم، والكافر يعطيه عين ما فعل، فيكون فيه معنى قوله تعالى: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزي إلا مثلها}...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{جزاء} أي فعل لهم ذلك لأجل الجزاء {بما كانوا} جبلة وطبعاً {يعملون} أي يجددون عمله على جهة الاستمرار...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
(جزاء بما كانوا يعملون).. فهو مكافأة على عمل كان في دار العمل. مكافأة يتحقق فيها الكمال الذي كان ينقص كل المناعم في دار الفناء...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
وبعد الحديث عن هذه المنح، والعطايا المادية الستّة، يضيف سبحانه: (جزاءً بما كانوا يعملون) كي لا يتصوّر أحد أنّ هذه النعم تعطى جزافاً، بل إنّ الإيمان والعمل الصالح هو السبيل لنيلها والحصول عليها، حيث يلزم للإنسان العمل المستمرّ الخالص حتّى تكون هذه الألطاف الإلهيّة من نصيبه.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.