التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَۖ وَأَوۡرَثۡنَٰهَا قَوۡمًا ءَاخَرِينَ} (28)

وقوله : { كَذَلِكَ } فى محل رفع خبر لمبتدأ محذوف ، أى : الأمر كذلك .

قال الجمل ما ملخصه : " قوله : { كَذَلِكَ } خبر مبتدأ محذوف . أى : الأمر كذلك فالوقوف يكون على هذا اللفظ ، وتكون الجملة اعتراضية لتقرير وتوكيد ما قبلها . . . ويبتدأ بقوله : { وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ } وهو معطوف على { كَمْ تَرَكُواْ . . } أى : تركوا أمورا كثيرة أورثناها قوما آخرين ، وهم بنو إسرائيل " .

وقال الزمخشرى : الكاف فى محل نصب ، على معنى : مثل ذلك الإِخراج أخرجناهم منها { وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ } ليسوا منهم .

فعلى هذا يكون قوله { وَأَوْرَثْنَاهَا } معطوفا على تلك الجملة الناصبة للكاف ، فلا يجوز الوقف على { كَذَلِكَ } حينئذ .

وقال الآلوسى : والمراد بالقوم الآخرين : بنو إسرائيل ، وهم مغيرون للقبط جنسا ودينا ، ويفسر ذلك قوله - تعالى - فى سورة الشعراء : { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بني إِسْرَائِيلَ } وهو ظاهر فى أن بنى اسرائيل رجعوا إلى مصر ، بعد هلاك فرعون وملكوها .

وقيل : المراد بالقوم الآخرين غير بنى اسرائيل ممن ملك مصر بعد هلاك فرعون ، لأنه لم يرد فى مشهور التواريخ أن بنى اسرائيل رجعوا إلى مصر ، ولا أنهم ملكوها قط .

وما فى سورة الشعراء من باب قوله - تعالى - : { وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ } أو من باب : عندى درهم ونصفه . فليس المراد خصوص ما تركوه ، بل نوعه وما يشبهه .

وقيل : المراد من إيراثها إياهم : تمكنيهم من التصرف فيها ، ولا يتوقف ذلك على رجوعهم إلى مصر ، كما كانوا فيها أولا .

والذى نراه - كما سبق أن قلنا عند تفسير سورة الشعراء - أن الآية صريحة فى توريث بنى اسرائيل للجنات والعيون . . التى خلقها فرعون وقومه بعد غرقهم ، بمعنى أنهم عادوا إلى مصر بعد غرق فرعون ومن معه ، ولكن عودتهم كانت لفترة معينة ، خرجوا بعدها إلى الأرض المقدسة التى دعاهم موسى - عليه السلام - لدخولها كما جاء فى قوله - تعالى - : { يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا على أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ . . }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَۖ وَأَوۡرَثۡنَٰهَا قَوۡمًا ءَاخَرِينَ} (28)

17

ثم ينزع هذا كله منهم أو ينزعون منه . ويرثه قوم آخرون - وفي موضع آخر قال : ( كذلك وأورثناها بني إسرائيل )- وبنو إسرائيل لم يرثوا ملك فرعون بالذات . ولكنهم ورثوا ملكاً مثله في الأرض الأخرى . فالمقصود إذن هو نوع الملك والنعمة . الذي زال عن فرعون وملئه ، وورثه بنو إسرائيل !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَۖ وَأَوۡرَثۡنَٰهَا قَوۡمًا ءَاخَرِينَ} (28)

وقوله : كَذلكَ وَأوْرَثْناها قَوْما آخَرِينَ يقول تعالى ذكره : هكذا كما وصفت لكم أيها الناس فعلنا بهولاء الذي ذكرتُ لكم أمرهم ، الذين كذّبوا رسولنا موسى صلى الله عليه وسلم .

وقوله : وأوْرَثْناها قَوْما آخَرِينَ يقول تعالى ذكره وأورثنا جناتهم وعيونهم وزروعهم ومَقاماتهم وما كانوا فيه من النعمة عنهم قوما آخرين بعد مهلكهم ، وقيل : عُنِي بالقوم الاَخرين بنو إسرائيل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : كَذلكَ وأوْرَثْناها قَوْما آخَرِينَ يعني بني إسرائيل .