التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَجَآءَ أَهۡلُ ٱلۡمَدِينَةِ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (67)

ثم حكى - سبحانه - ما حدث من القوم المجرمين ، بعد أن تسامعوا بأن في بيت لوط - عليه السلام - شبانًا فيهم جمال ووضاءة فقال - تعالى - { وَجَآءَ أَهْلُ المدينة يَسْتَبْشِرُونَ } .

والمراد بأهل المدينة : أهل مدينة سدوم التي كان يسكنها لوط وقومه .

ويستبشرون : أى يبشر بعضهم بعضًا بأن هناك شبانًا في بيت لوط - عليه السلام - ، من الاستبشار وهو إظهار الفرح والسرور .

وهذا التعبير الذي صورته الآية الكريمة ، يدل دلالة واضحة على أن القوم قد وصلوا إلى الدرك الأسفل من الانتكاس والشذوذ وانعدام الحياء . . .

إنهم لا يأتون لارتكاب المنكر فردًا أو أفرادا ، وإنما يأتون جميعًا - أهل المدينة - وفى فرح وسرور ، وفى الجهر والعلانية ، لا في السر والخفاء . . .

ولأى غرض يأتون ؟ إنهم يأتون لارتكاب الفاحشة التي لم يسبقهم إليها أحد من العالمين .

وهكذا النفوس عندما ترتكس وتنتكس ، تصل في مجاهرتها بإتيان الفواحش ، إلى ما لم تصل إليه بعض الحيوانات . . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَجَآءَ أَهۡلُ ٱلۡمَدِينَةِ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (67)

وقوله : وجاءَ أهْلُ المَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ يقول : وجاء أهل مدينة سَدُوم وهم قوم لوط لما سمعوا أن ضيفا قد ضاف لوطا مستبشرين بنزولهم مدينتهم طمعا منهم في ركوب الفاحشة . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَجاءَ أهْلُ المَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ استبشروا بأضياف نبي الله صلى الله عليه وسلم لوط حين نزلوا لما أرادوا أن يأتوا إليهم من المنكر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَجَآءَ أَهۡلُ ٱلۡمَدِينَةِ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (67)

عطف جزء من قصة قوم لوط وهو الجزء الأهم فيها .

ومجيء أهل المدينة إليه ومحاورته معهم كان قبل أن يعلم أنهم ملائكة ولو علم ذلك لما أشفق مما عزم عليه أهل المدينة لمّا علم بما عزموا عليه بعد مجادلتهم معه ، كما جاء في قوله تعالى : { قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك } في سورة هود ( 81 ) . والواو لا تفيد ترتيب معطوفها .

ويجوز جعل الجملة في موضع الحال من ضمير لوط المستتر في فعل { قال إنكم قوم منكرون } [ سورة الحجر : 62 ] ، أو من الهاء في { إليه } ، ولا إشكال حينئذٍ . والمدينة هي سدوم .

و { يستبشرون } يفرحون ويسرون . وهو مطاوع بشره فاستبشر ، قال تعالى : { فاستبشروا ببيعكم } في سورة براءة ( 111 ) . وصيغ بصيغة المضارع لإفادة التجدد مبالغة في الفرح . ذلك أنهم علموا أن رجالاً غرباء حلوا ببيت لوط عليه السلام ففرحوا بذلك ليغتصبوهم كعادتهم السيئة . وقد تقدمت القصة في سورة هود .