التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَبَدَا لَهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (33)

ثم بين - سبحانه - ما ترتب على هذه الأقوال الباطلة من نتائج فقال : { وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ } أي : وظهر لهؤلاء الكافرين سيئات أعمالهم على حقيقتها التي كانوا لا يتوقعونها .

{ وَحَاقَ بِهِم } أي : وأحاط ونزل بهم { مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أي : في الدنيا ، فقد كانوا في الدنيا ينكرون البعث والحساب والجزاء ويستهزئون بمن يحدثهم عن ذلك ، فنزل بهم العذاب المهين ، جزاء استهزائهم وإنكارهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَبَدَا لَهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (33)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَبَدَا لَهُمْ سَيّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وبدا لهؤلاء الذين كانوا في الدنيا يكفرون بآيات الله سيئات ما عملوا في الدنيا من الأعمال ، يقول : ظهر لهم هنالك قبائحها وشرارها لما قرأوا كتب أعمالهم التي كانت الحفظة تنسخها في الدنيا ، وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ، يقول : وحاق بهم من عذاب الله حينئذٍ ما كانوا به يستهزئون إذ قيل لهم : إن الله مُحِلّه بمن كذّب به على سيئات ما في الدنيا عملوا من الأعمال .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَبَدَا لَهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (33)

عطف على جملة { أفلم تكن آياتي تتلى عليكم } [ الجاثية : 31 ] باعتبار تقدير : فيقال لهم ، أي فيقال لهم ذلك { وبدا لهم سيئات ما عملوا } ، أي جُمع لهم بين التوبيخ والإزعاج فوبخوا بقوله : { أفلم تكن آياتي تتلى عليكم } إلى آخره ، وأُزعجوا بظهور سيئات أعمالهم ، أي ظهور جزاء سيئاتهم حين رأوا دار العذاب وآلاته رؤيةَ من يوقن بأنها مُعَدة له وذلك بعِلم يحصل لهم عند رؤية الأهوال . وعبر بالسيئات عن جزائها إشارة إلى تمام المعادلة بين العمل وجزائه حتى جعل الجزاء نفسَ العمل على حد قوله : { فذُوقوا ما كنتم تكنزونَ } [ التوبة : 35 ] .

ومعنى { حاق } أحاط .

و { ما كانوا به يستهزئون } يعُم كلّ ما كان طريق استهزاء بالإسلام من أقوالهم الصادرة عن استهزاء مثل قولهم : { إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين } [ الجاثية : 32 ] . وقول العاصِي بن وائل لخباب بن الأرتّ : لأوتين مالاً وولدا في الآخرة فأقضي منه دينَك . ومن الأشياء التي جعلوها هُزؤاً مثل عذاب جهنم وشجرة الزقوم وهو ما عبر عنه آنفاً ب { سيئات ما عملوا } . وإنما عدل عن الإضمار إلى الموصولية لأن في الصلة تغليطاً لهم وتنديماً على ما فرطوا من أخذ العدة ليوم الجزاء على طريقة قول عبدة بن الطيب :

إن الذين تُرونَهم إخوانَكم *** يشفي غليلَ صدورهم أن تُصرعوا

والمعنى : أنهم قد أودعوا جهنم فأحاط بهم سرداقها .

والباء في { به يستهزئون } يجوز حملها على السببية وعلى تعدية فعل { يستهزئون } إلى ما لا يتعدى إليه أي العذاب .