السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَبَدَا لَهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (33)

ولما وصلوا إلى حد عظيم من العناد التفت إلى أسلوب الغيبة إعراضاً عنهم إيذاناً بشدة الغضب عليهم فقال تعالى : { وبدا } أي : ولم يزالوا يقولون ذلك إلى أن بدت لهم الساعة بما فيها من الأوجال والزلازل والأهوال وظهر { لهم } غاية الظهور { سيئات ما عملوا } في الدنيا فتمثلت لهم وعرفوا مقدار جزائها واطلعوا على جميع ما يلزم على ذلك { وحاق } أي : أحاط { بهم } على حال القهر والغلبة قال أبو حيان : ولا يستعمل إلا في المكروه { ما كانوا } جبلة وطبعاً { به يستهزئون } أي : يوجدون الهزء به على غاية الشهوة واللذة إيجاد من هو طالب لذلك ، وهذا كالدليل على أن هذه الفرقة لما قالوا : إن نظن إلا ظناً ، إنما ذكروه استهزاء وسخرية فصار هذا الفريق أشر من الفريق الأول ، لأن الأولين كانوا منكرين وما كانوا مستهزئين وهؤلاء ضموا إلى الإصرار على الإنكار الاستهزاء ، وقرأ حمزة في الوقف بتسهيل الهمزة بعد الزاي كالواو وله أيضاً إبدالها ياء ونقل عنه أيضاً غير ذلك .